عمرو حاتم علي، مخرج شاب درس الإخراج ودخل في تفاصيله ليصنع أعمالاً ترضي عينيه وذائقته الفنية، كبر على يد أهم المخرجين السوريين وهو والده الراحل حاتم علي، حيث تعرف إلى تفاصيل هذه المهنة منذ صغره، لكنه مؤمن بأن كل مخرج لديه رؤية مختلفة عن غيره لذلك هو يسعى لخلق مساحة خاصة به في عالم الإخراج السينمائي، ولم يكتف فقط بالإخراج بل اتجه لعالم الكتابة وذلك من خلال كتابته لأفلامه السينمائية التي فازت بعدة جوائز، كما اتجه حديثاً لكتابة أعمال درامية ومنها مسلسل «أزمة حب»، وفي حديث لـ«الوطن» مع المخرج عمرو علي أخبرنا الآتي:
• في البداية دعنا نتحدث عن عملك الجديد «أزمة حب»؟
أزمة حب سباعية تلفزيونية من تأليفي وإخراج محمد نصر اللـه وإنتاج شركة «جمان» للإنتاج والتوزيع الفني، فهو مسلسل اجتماعي معاصر تدور أحداثه حول قصة حبّ تجمع بين التاجر صلاح والطبيبة فرح تعود جذورها إلى مرحلة التسعينيات حيث يفترق العاشقان لمدة عشرين عاماً ثم يلتقيان من جديد ليشتعل الحب بينهما مرّة أخرى، ويتعرّض لمجموعة من الاختبارات والتحدّيات الصعبة بفعل محيطهما الجديد الذي يرفض هذه العلاقة كلّياً كما يتعرّض المسلسل في جانب من جوانبه إلى الفساد في قطَّاع الطبّ، والمسلسل برّمته محاولة لاستعادة أجواء الدراما السورية المعاصرة ذات الهمّ الاجتماعي والتي غابت عن ساحة الإنتاج لفترة طويلة.
• لماذا اخترت هذا الاسم بالتحديد للعمل؟
العنوان مستوحى إلى درجة كبيرة من مضمون المسلسل، فالبطلان صلاح وفرح يعيشان أزمة حب حقيقية، كما أن المحيط الذي يسعى لمحاربة هذه العلاقة ودفنها لا يتوانى عن استخدام الأساليب الملتوية وغير الأخلاقية لتحقيق هذا الهدف، وبهذا المعنى يأتي العنوان باعتباره انعكاساً لجزء من الأزمة التي نعيشها في البلاد وهي في جانب من جوانبها أزمة أخلاقية.
• رأينا عمرو علي في هذا العمل كاتباً، لماذا لم تكن الكاتب والمخرج معاً؟
لا أعتقد أن الإخراج وكتابة السيناريو عمليتان منفصلتان، فالمخرج لا بدَّ أن يكون كاتباً بالضرورة ومنذ تخرجي في المعهد العالي للسينما في القاهرة قبل سنوات أمارس الكتابة والإخراج على القدر نفسه من الجهد والاهتمام، حيث سبق أن كتبت سيناريوهات الأفلام الروائية القصيرة التي أنجزتها إلى جانب بعض الخماسيات التلفزيونية التي لم تُنتَج بعد، وما يهم في النتيجة هو إنجاز العمل وفق المستوى الفنَّي اللائق سواء قمت بإخراجه بنفسي أم أنجزه مخرج آخر.
• أين ترى نفسك أكثر في الإخراج أم الكتابة؟
العمليتان مرتبطان عضوياً ولا يمكن فصلهما بحال من الأحوال، والحقيقة أنني درست الإخراج السينمائي وأعمل على مشروعي في الإخراج سواء في السينما أم التلفزيون بمسار يوازي عملي في كتابة السيناريو، والمسألة هنا ليست تفضيل مهنة على أخرى بقدر ما هي السعي لطرح المقولات والتعبير عن الذات.
• عندما انتهيت من كتابة عملك، هل قمت باستشارة أحد المقربين، أم تفضل أن تستمع لنصائحهم بعد العرض؟
بالتأكيد، أقوم أحياناً باستشارة المقرّبين من الأساتذة والزملاء من الكتَّاب والمخرجين الذين أثق بآرائهم، ولكن هذا عموماً لا ينسحب على جميع المشاريع التي أعمل عليها، وهو ليس نتيجة للتعالي أو الثقة المفرطة في الذات، لكنني أؤمن بأن العمل الإبداعي يعبّر عن وجهة نظر صانعه الذاتية لذلك أستفيد من بعض الآراء بالتأكيد، ولكنني أقدّم في النتيجة ما أقتنع به وما ينسجم مع رؤيتي.
• تناقلت عدة صفحات بأنك كنت ستتولى إخراج مسلسل «سفربرلك» بالتعاون مع المخرج الليث حجو، ما حقيقة هذه الأقاويل؟
عملت على كتابة مسلسل سفربرلك- سنوات الحبّ والرحيل ضمن ورشة الكتابة التي أنجزت المسلسل، ثم تلقيت عرضاً من الشركة المنتجة والمخرج للمشاركة في إخراج جزء من العمل، لكنني سرعان ما اعتذرت عن المهمة نظراً لرغبة صنَّاع المسلسل في بدء التصوير بعد فترة وجيزة من وفاة والدي، وكان بالنسبة لي أنه لا بدَّ من أخذ استراحة لإعادة ترتيب الأوراق وتجاوز المحنة المفاجئة.
• إذا أردنا الانتقال إلى السينما، أخبرنا ما جديدك؟
أنهيت في القاهرة قبل فترة التحضيرات الأخيرة لفيلمي الروائي الطويل الأول «مرور» من إنتاج الشركة المصرية «ماد سولوشنز»، حيث سيكون هذا الفيلم باكورة إنتاجاتها في سورية بعد إنتاجها عدّة أفلام سينمائية في دول عربية عديدة وننتظر حالياً حلول فصل الشتاء للبدء بعمليات التصوير.
• لقد حصلت أفلامك السينمائية السابقة ومنها «الزيارة» على عدة جوائز، ما أهمية هذه الجوائز بالنسبة لك؟
الجوائز هي بلا شكّ بمنزلة إشارات تدلّ على تميّز الفيلم وجودته، هذا ما يُضاف بالتأكيد لرصيد مخرجه وصنَّاعه وللصناعة السينمائية التي أُنتِجَ في إطارها والأمر هنا محكوم بآراء وأمزجة لجان التحكيم التي تتباين بين مهرجان وآخر، وقد كنت محظوظاً بحصول أفلامي الروائية القصيرة «الغيبوبة» و«اليقظة» و«الزيارة» على العديد من الجوائز أبرزها جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان روتردام للفيلم العربي «2016» ومهرجان مالمو للسينما العربية «2017».
• هل حصولك على عدة جوائز تحملك مسؤولية أكبر في المستقبل؟
بالتأكيد، وتنضوي المسألة هنا على جانب من المسؤولية وخاصّة أن الجوائز تضع الفيلم وصانعه ضمن دائرة الضوء والمتابعة النقدية.
• إلى حد هذه اللحظة لم نشاهدك تعمل مع المؤسسة العامة للسينما، ما سبب ابتعادك عنها؟
ليس هناك ابتعاد عن المؤسسة العامة للسينما وسبق أن تلّقيت عرضاً مشكوراً لإنجاز فيلم روائي قصير من إنتاج المؤسسة، ولكن انتشار فايروس كورونا، والظروف التي تلت ذلك حالت دون إتمام التعاون وأتمنى أن يبصر مشروعي مع المؤسسة النور خلال العام الجديد.
• هل سنشاهد عمرو علي يكمل مسيرة والده في عالم الإخراج، أم ستأخذ مساراً مختلفاً من خلال نظرتك للأعمال؟
لا أعتقد أنه يمكن لمخرج إكمال مسيرة مخرج آخر حتى لو كان أقرب المقربين إليه، فالمسألة هنا مرتبطة بالتعبير عن الذات وفق رؤية جمالية وفكرية وذاتية، حيث تختلف بين مخرج وآخر وخاصّة إن أخذنا في عين الاعتبار الاختلاف الكبير في ظروف الإنتاج التي عمل والدي في إطارها وبين الظروف القائمة الآن، حيث تدّنى كم الإنتاج إلى الربع كما اختلفت مفاهيم الدراما التلفزيونية العربية مع انتشار المنصات الرقمية والمسلسلات القصيرة، وغير ذلك من التبدّلات السريعة التي تصيب الصناعة والإنسان في النهاية ابن عصره ولا بدَّ أن ينجز الأعمال التي تشبهه.
• إذا أردنا الحديث عن الجانب الشخصي في حياتك، ما أكثر الأشياء التي تغيرت بك بعد وفاة والدك؟
أمور كثيرة اختلفت لعلَّ أبرزها حجم المسؤولية الذي كَبُرَ اتجاه مواصلة العمل في ظلّ الظروف الإنتاجية والاقتصادية المعقدّة.
• ما أحلامك التي تتمنى أن تحققها مستقبلاً؟
أحلام كثيرة على المستوى الشخصي أما على المستوى العام فما زلت آملاً بانتعاش القطاع السينمائي في البلاد رغم كل المعوقات والظروف المعقّدة، وأتمنى أن يسهم انتشار المنصات الرقمية في زيادة كم الإنتاج السينمائي وتحسين نوعه.
المصدر : الوطن