لبنى الجابي :
قرأت وطبعا حاليا غالبية قراءاتنا من الفيس بوك بان جبران خليل جبران قال : المرأة التي يتحسن مزاجها من :كتاب ، قصيدة ، أغنية ، أو كوب قهوة لن ينتصر عليها أحد حتى الحياة تخسر أمامها …يشعرني هذا الكلام بالقلق ، فانا لااذكر انني قرأت في كتب جبران مثل هذا الكلام وطبعا لاادعي انني قرأت كل ماكتب ، ولكن اجد نفسي اتساءل عن مدى مصداقية ما نقرؤه عالفيس بوك ، الذي عندما نفتحه ونبدأ بالتصفح نغرق لساعات ولا نشعر بالوقت وهذا زاد من قلقي (اكاد اتشبه ببانكيمون القلق دائما وابدا ) وبحثت عن وسيلة للسيطرة فركبت برنامجا بسيطا على محرك البحث لدي مهمته مراقبة زمن دخولي لكافة المواقع واعطائي نسبا مئوية عن ذلك وقد فاجأني ان اكثرمن نصف وقت تصفحي يكون عالفيس بوك وهذا جعلني بحالة ضيق ، ليس لشيء الا لان هذا الوقت لم يزدني فائدة بقدر الوقت الذي امضيته ، في الماضي كنا نمسك كتابا ما ونقرؤه وربما يأخذ منا ساعات او ايام حتى ، انما في النهاية نحصل على فكرة متجانسة ، اما في الفيس بوك فاننا بعد ساعات نجداحيانا انفسنا لم نحصل الا على بعض الافكار المتبعثرة بفوضى عجيبة جذابة نظنها مفيدة ….امتلأت ذاكرة حاسبي وموبايلي بالصور والكلمات وغير ذلك مما نخفظه دون هدف معين سوى انه اعجبنا وعندما نحتاجه ننسى انه لدينا ….لقد سرق الفيس بوك ليس وقتنا فقط بل اولادنا وكل هذا الجيل المسكين وادخله في دوامة لامعنى لها ..كنا في الماضي عندما نكتب اي شيء سواء وجداني يخصنا او اي مشاهدة او خاطرة كنا نخفيها عن الاعين حتى لانتعرض للنقد من انها دون المستوى اللائق للنشر ، اما الفيس بوك فقد اصبح مساحة لاي نوع من الكتابة واصبح كل من هب ودب يعبر عن نفسه باي طريقة وباي لغة وتجد التهليل والتكبير شغال في التعليقات فيظن الكاتب انه سبق ديستيوفسكي ونجيب محفوظ في التعبير عن مكنونات النفس البشرية ،والانكى ان البعض يكتب بعض الكلمات التي اعجبته فينسبها لاسم معروف فيشتد التكبير والتهليل بالتعليقات دون ان يبحث احد عن المصداقية ، و للاسف نتج عن ذلك ادب افتراضي لاهوية له ، ولغة افتراضية لامكان لها في العالم الواقعي ، فخسر اولادنا لذة ومعنى وفائدة القراءة والكتابة الحقيقية …لاانادي باغلاق الفيس بوك ولا ادعو الى مقاطعته ابدا ولكن ادعو الى مراقبة انفسنا والانتباه الى اننا نخسر هويتنا شيئا فشيئا ..ان قدر هذا الجيل ان يعيش المرحلة والتجربة ولكن لابد لمن عاش تجربة اقدم ان يحاول ايقاظ قليلا من الوعي في الوجدان الى الانتباه وخوض التجربة بوعي وحكمة …