لبنى الجابي
بدأ رمضان ، تكثر التهاني والمباركات على صفحات التواصل سواء الواتس او الفيس وغيره ، وتجد هذه الصفحات تتحول لمنبر ديني يدعو لزيادة التقوى واغتنام الفرصة في هذا الشهر الفضيل للتقرب من الله تعالى والاهتمام بقراءة القرآن الكريم والتركيز على الاستغفار والادعية ، هذا على الصفحات اما عندما تقابل الناس )وبعضهم اصحاب الصفحات المذكورة)تجد الجو يختلف فالسؤال الاول على الالسنة : ماهي المسلسلات التي تتابعونها؟؟؟؟؟؟ اينما تلفت وبمن التقيت فهذا هو السؤال الرئيسي ..يأتي بعده ، "شفتوا باب الحارة ؟ يعني زودوها مو هيك؟؟؟حاجتهم بقى …."الكل يعترض على الجزء الجديد ولكن الكل بنفس الوقت يتابع !!! السؤال الثاني : "شو عاملين اكل عالفطور اليوم ؟؟؟"
هذا التناقض مرعب ، انما ينم عن ان هذه الصفحات التي تسرق اوقات معظم الناس هذه الايام لاتجدي سوى السراب والتسلية والمظاهر الخادعة …صحيح انها وفرت علينا المباركات الكلامية عالهاتف ولكن المغالاة في النصح دون الالتزام يولد النفاق الداخلي الذي نعيشه
كتب احدهم :"ان مايصرف على المسلسلات التي تحكي عن الواقع يمكن ان يصرف على حل مشاكل هذا الواقع "، حقا ان هوس المسلسلات صار مرعبا ، ومتابعتها تسرق من الوقت الكثير ، حتى ان البعض استبدلوا امساكية رمضان بجدول عرض المسلسلات حتى لايفوتهم اي منها …
وبالمقابل شاهدت فيديو للوزير الكندي مارك هولاند يسأل رئيس المجلس ان يسمح له بتهنئة المسلمين في كندا وحول العالم بقدوم رمضان ويقول بانه شخصيا قد صام الشهر كاملا العام الفائت ويود تكرار التجربة هذا العام دعما لفكرة اسمها العطاء والفكرة كما قال ان تأخذ النقود التي توفرها نتيجة الصيام اليومي وتعطيها لمن هم اكثر حاجة من خلال الجهات التي تقوم بذلك طبعا ، وقال بان الصيام بالنسبة له كان تجربة لاتوصف عندما تشعر بمعاناة الجياع وتسنى له الافطار مساء ولكن هذا الافطار غير متوفر لكثير من الاطفال سواء في كندا او حول العالم ،بالمجمل كما قال انها تجربة استخدام قوة الصيام في رمضان من اجل العطاء …
هل هذا فرق يمكن ان نتحدث فيه؟؟؟؟
رغم ان الصوم موجود في معظم الديانات الاخرى ولكن هناك من يرغب بان يقنع المسلمين بان صومهم مجرد شقاء وتعب ، ومن البديهي عندما لانفهم الغاية الحقيقية من الصوم نجده مجرد تعب وجوع وعطش ..ان تزكية النفس وطهارتها هو هدف كافة الديانات والدعوات السماوية ومع ذلك يؤدي البعض عباداتهم وكأنهم يكتبون وظيفة مدرسية ويلقونها بوجه الاستاذ …يتقبل البعض حركات اليوغا التي تهدف لترويض النفس ولكنهم لايجدون النتيجة نفسها ضمن عباداتهم ..اعرف بانني انثر كلامي كالكلمات المتقاطعة هنا وهناك ولكن من يقرأ بين السطور يستطيع ان يفهم مقصدي ( هدى للمتقين )
لاارغب بكتابة توجيهات دينية انما ارغب ان انقل هواجسي الداخلية التي ترعبني وانا ابحث خلالها عن اجابات ، وضعت قوائم عديدة لما ساركز عليه في رمضان ، يخونني الوقت كثيرا ولكنني احاول جاهدة ان استخدم قوة الصوم لاقاوم ..
يقولون يمكننا ان نقوم بكل هذا خارج رمضان ايضا ، واقول : لرمضان قوته الخاصة وترتيبه اليومي الذي ينظم دورة منظوماتنا جميعا فيؤطرنا ضمنها فاذا انجرفنا لسحر الشاشة ابتعدنا عن سحر هذه القوة وتداعياتها اما اذا تحررنا من تلك الشاشة الى جداولنا الخاصة فبالامكان معرفة ماقصده سبحانه بقوله" كما كتب على اللذين من قبلكم لعلكم تتقون "
انه شهر تدريب كالذي تقوم به الحكومات لتدريب جنودها الاحتياطية فهي تخضعهم كل عام لشهر او اشهر تدريب متواصل كي لا يفقدوا مهاراتهم القتالية ، ورمضان يخضعنا لتضحية على مدى شهر نضحي خلالها بعاداتنا اليومية بالطعام والشراب ونضحي برغباتنا الجسمانية ونضحي باموالنا ونضحي بانفسنا على عتبة التقرب من خالقنا ليتجلى علينا وينعم علينا بما انعمه على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، الا ندعو بصلاتنا كل ركعة : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط اللذين انعمت عليهم؟؟ويقول سبحانه في اية اخرى : ومن يطع الله والرسول فاولئك مع اللذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصلحاء والصالحين ..فاذا لم نستوف شروط التدريب فلن نحظ بالانعامات الالهية
اذا استطعنا ان نضبط نفوسنا ونروضها فقد عرفنا قوة رمضان وتخلصنا من نفاق داخلي يعترينا كل الاوقات