لبنى الجابي
اتعجب لما وصلنا اليه من تقزم …لقد انحصر التنافس عند العرب في الرقص والغناء واصبحت برامج المثل العليا تقتصر على افضل الاصوات العربية وافضل المغنين وافضل الممثلين وافضل الراقصين …الخ واخيرا ادخلوا في هذه المعمعة الاطفال ..وجعلوا حلم الاطفال يتمحور حول النجومية الفنية ..فاصبح الاطفال يتمنون لو يملكون صوتا مميزا ليحققوا حلمهم الوحيد الذي زرعوه وحفروه في اذهانهم ….لقد روجت قنوات الامبيسيات لكل ما يقزم من حلم العربي واستوردت من الاخرين ودبلجت كل ما يمكن ان ينقل فكرا رديئا الى اذهان هذا الجيل ….تابعت اخر حلقة من فويس كيدز وشعرت بالشفقة على هذه البراعم التي تملك فعلا موهبة فنية مميزة ولكن وظفت بطريقة تشحن جيل بكامله بطموحات لاتمت بصلة للنجاح الحقيقي في الحياة …فالنجاح لايصنع اعلاميا ..النجاح ثمرة جهد شخصي ومثابرة ..ان صناعة النجم اصبحت هدف بحد ذاته وامتلأ الوطن العربي بالنجوم والمواهب ليس بالعلم والفكر والابداع الحضاري انما فقط بالغناء والرقص والنجومية المصنوعة صناعة والمقولبة بقالب مستورد هدفه ابعاد العرب وكافة مواطني العالم الثالث او العاشر عن مجالات المساهمة ببناء الحضارة الانسانية ..اعرف بانني ربما ابالغ بكلامي والبعض سيتعجب لكل هذه السلبية ، ولكن من يقرأ التاريخ يفهم كيف كتبوا لنا تاريخنا كما يرغبون وغيبونا عن الساحة الحضارية ويحاولون الان غسل ادمغة الجيل ليصبح تابعا امينا لكل ما يرغبون به . لقد قال بيير روسي في مؤلفه الرائع المنصف ( مدينة ايزيس التاريخ الحقيقي للعرب ) :"ان العالم العربي هو الذي اعطى روحنا الغربية طموحها الشرقي الذي لم تكن لتستطيع من دونه تحديد هويتها او الاستقرار ضمن انسجامها الخاص"وقال ايضا :"اذا كان غربنا محبوبا ،غنيا،جميلا، ومنظما كذلك فانما يعود فضل ذلك كله الى تلكم الامبراطوريات العربية الكبرى التي خلقت واوجدت مثل هذه السعادة ، ما اشبهنا بزهرة خشخاش عمر الخيام التي تمنح ارجوانها من دم امبراطور دفين "اذا سألت هذا الجيل عن كتاب هذا الباحث المنصف لن يعرفه لانه يهتم فقط بما لقنوه اياه في الجامعات والمدارس والذي ينحصر بتقزيم العربي والسخرية منه وينحصر بالتقسيم المضحك للشعوب بالسامية والارية والحامية والتي لاتدري تلك الشعوب عنه شيئا …لقد بدأ البعض ممن يملكون عقولا متحررة بانصافنا انما هناك من يعتم عليه ويبقينا في عتمة ازلية نسبح في اوهام النجومية الوهمية في عالم لاهث وراء الشهرة الكاذبة .نعم ان العرب يسبحون حاليا في بحر من الفوضى والدم مما جعل هذا الجيل يهرب من نسبه اليهم ولكن هذا لايعني ان نستسلم ، لابد من صوت هنا وصوت هناك يفتح نوافذ في العقول التي اطفئت فيها كل الانوار الحقيقية وانيرت بلمعان مزيف ، لابد من فتح النوافذ ليدخل الهواء النظيف لتستيقظ هذه العقول من سباتها التاريخي