من القبس الكويتية..علي أحمد البغلي
غطت أخبار هبوط أسعار النفط إلى ما دون الـ20 دولارا، وهو أقل سعر يصل إليه برميل البترول منذ 12 عاماً، على ما عداها من أخبار في الصحف والدواوين ومنتديات التواصل الاجتماعي، فالهوة ستكون واسعة بين المدخول النفطي والإسراف الحكومي الاعتباطي، الذي ما فتئت الحكومة تمارسه منذ أكثر من عقد، وكأنها ترفس برجليها الحكمة الخالدة التي تقول «إن دوام الحال من المحال»؟!
والمصيبة أن الحكومة باعتقادي تعاني حالة ارتباك غير مسبوقة من التعليمات، بشد الأحزمة على البطون، وإيجاد المخارج للإفلات من شبح الاستدانة والاقتراض والعجز الدائم.. فالحكومة ليس لديها أي خطة مقنعة، وحتى الحلول التي لا يوجد غيرها، وهي كالدواء المر، تتجنب الحكومة ما أوتيت تطبيقها، لأنها ستؤثر في شعبيتها، بالإضافة إلى أن مجلس التعاضد مع الحكومة لا يريد تطبيق هذه الخطة، خشية من توجيه ناخبيه اللوم عليه وعدم إعادة انتخابهم؟! وهذا هو الهاجس الأول والأخير لمعظم الأعضاء، ولتذهب الكويت وماليتها إلى الجحيم؟!
***
للحكومة غير الرشيدة، ولمعظم أعضاء مجلس أمتنا غير المسؤول ولبعض أفراد شعبنا من ذوي الوعي المتدني -وأنا ومن بعدي الطوفان- نسرد على مسامعهم هذا الخبر لعله يحدث لهم صدمة، لأنه لا يستبعد خلال سنين قليلة أو طويلة، أن يكونوا -أي أفراد الشعب- هم أبطال ذلك الخبر !
الخبر يقول: إن هناك 19 ألف شخص تقدموا لشغل 114 وظيفة كعمال نظافة في مدينة بشمال الهند.. ومن بينهم خريجو الجامعات وحملة شهادات الماجستير في مجال إدارة الأعمال، ودفع ارتفاع معدلات البطالة في الهند ببعض العمالة الماهرة والمؤهلة تأهيلاً عالياً إلى السعي لشغل وظائف مثل عمال نظافة، علماً بأن هذه الوظيفة تعتبر من أدنى الوظائف بالبلاد، ولا تتطلب أي درجة من التعليم، لأن العمل يتعلق بتنظيف الشوارع بمكنسة مع صيانة شبكة الصرف الصحي في الطرق، ويبلغ الراتب الشهري لهذه الوظيفة 17 ألف روبية أي حوالي 250 دولارا.. انتهى.
***
ونحن نهدي هذا الخبر الى أعضاء حكومتنا الرشيدة وأعضاء مجلس أمتنا الكرام وناخبيهم المدللين، ونقول ونحضهم على القيام الآن بما يلزم من تقليص المصاريف الحكومية والدعمية، بحيث يتواءم الدخل مع الإنفاق.. ولفتح مجالات دخل أخرى غير البترول..
وها قد وصل السيل الزبى، فالعجز المتوقع هذا العام بحدود 12 مليار دينار، وإيرادات النفط ستكون 5.8 مليارات على أساس 25 دولارا للبرميل، أما الإيرادات غير النفطية فلا تتجاوز 1.6 مليار دولار، فإذا كان المبلغ المخصص للرواتب وما في حكمها هو 10.4 مليارات دينار، هذا بخلاف مبالغ الدعومات والمشروعات واحتياطي الأجيال.. فمن أين سنأتي بالفرق هذا العام والأعوام القادمة؟!
فإذا استمرت الحال على ما هي عليه، فإننا لا نستبعد أن شباب الشهادات المضروبة والشيلات القبلية والانتخابات الفرعية الطلابية القبلية والطائفية، لن يكون مصيرهم أفضل من مصير الشباب الهنود حملة الشهادات الرفيعة، الذين يحلمون بالحصول على وظيفة عامل نظافة أو كَنَّاسْ؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.