أثار بعض إجازات الاستيراد استغراب واستهجان البعض من الوسط التجاري، وخاصة ما يتعلق ببعض أنواع الخضر والفواكه المعلبة منها على وجه التحديد، إذ بيّن أحد المستوردين (مسجل في غرفة تجارة دمشق) أن بعض هذه الإجازات يرسّخ حالات احتكار للسلع الواردة في هذه الإجازات، واطلعت «الوطن» على صورة عن إحدى هذه الإجازات، تضمنت السماح باستيراد فطور من نوع أغاريكاس، وقد حملت الإجازة الرقم (1602010153.19) بتاريخ (28/9/2016) – أي بعد نحو الشهر من صدور الآلية التنفيذية الجديدة لمنح الإجازات- والبيان الجمركي رقم 15 وتاريخ 1/1/2017 ورقم وتاريخ المانيفست «434 2016» متسائلاً: كيف صدرت هذه الإجازة؟ علماً أنه لا أحد من المستوردين النظاميين يحصل على إجازة فطر.
وأشار إلى وجود إجازات أخرى صدرت بهذه الطريقة، منها إجازة لاستيراد معلبات ذرة حلوة، وإجازة لاستيراد معلبات عصير المنغا، وإجازة لاستيراد معلبات شرائح أناناس، «في الوقت الذي يتوسل فيه بعض التجار مديريات الاقتصاد والتجارة الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد ومنذ الشهر العاشر من العام 2015 للحصول على مثل هذه الإجازات من دون جدوى»، ووصف مثل هذه الإجراءات الصادرة عن بعض مديريات الاقتصاد وتخليصها من إحدى الأمانات الجمركية بـ«الاحتكار».
ولدى محاولات «الوطن» للتأكد من الإجازة، في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، تضاربت المعلومات، إذ بيّنت مصادر في الوزارة أن الإجازة التي تحمل هذا الرقم ممنوحة في مديرية ريف دمشق ولأجهزة طبية، أي مواد مخالفة لما ورد فيما اطلعت عليه «الوطن» لدى التاجر، ما يعني وجود احتمال أن تكون الإجازة مزورة، لأغراض بهدف الضغط على الوزارة للحصول على إجازات مشابهة. أو أن تكون الإجازة لمواد كانت في الميناء ضمن الحاويات التي بقيت فترة في الميناة ثم تم تخليصها، وتعود لفترة سابقة، أو أن يكون هناك تلاعب في الإجازة، أو أن تكون استثناء لحالة خاصة.
وفي تصريح لـ«الوطن» نفى مدير مسؤول في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن تكون مثل هذه الإجازات قد صدرت من دمشق أو ريفها، مشيراً إلى أن هذه المواد لم ترد في آلية الاستيراد الجديدة، وهي لا تزال ضمن قوائم السلع الممنوع استيرادها، ولا إمكانية متوفرة لمنح استثناءات لمواد معينة في منح مثل هذه الإجازات من محافظات أخرى. ولفت إلى أن هذه المواد يمكن أن تكون منحت إجازات استيراد قبل بضعة أشهر، أما الآن فلا يمكن أن يسمح بها.
من جانبه، استغرب أحد المديرين السابقين في وزارة الاقتصاد، والمطلعين على ملفات التجارة الخارجية، من وجود كم هائل من السلع والمواد في الأسواق وداخل المولات الكبيرة، لا تشملها القوانين والتعليمات الخاصة بالاستيراد، وضرب مثالاً على ذلك التمور غير المسموح باستيرادها، متسائلاً: كيف تدخل بكميات كبيرة وبأسعار تفوق قدرة المواطن الشرائية؟.
وكانت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قد أصدرت الآلية التنفيذية لمنح إجازات وموافقات الاستيراد المتعلقة بالصناعيين والتجار، في أواخر شهر آب من العام 2016، بحيث يتم منح الموافقات للتاجر والصناعي على حد سواء للمواد المحددة في قوائم وفق السقوف والشروط وبالتنسيق المسبق مع وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والصناعة والزراعة والإصلاح الزراعي والصحة والكهرباء والجهات العامة.
علماً بأن مدة إجازة أو موافقة الاستيراد هي ثلاثة أشهر للتاجر وستة أشهر للصناعي، ولا يحق للتاجر والصناعي أو الحرفي الحصول على أكثر من موافقة واحدة للمادة نفسها إلا بعد تقديم ما يثبت تخليصه للإجازة أو الموافقة السابقة. ودعت الوزارة وقتها إلى التشدد في تطبيق المواصفة القياسية السورية المعتمدة من وزارة الصناعة على جميع المستوردات وقيام إدارة الجمارك والأمانات الجمركية بالتحقق من ذلك، لافتة إلى أنه تتم إضافة أي مادة في حال الضرورة للمواد المحددة بالقوائم وتتم معالجتها قياساً مع المواد المماثلة بالتنسيق مع الجهات المعنية.
الوطن