المحطّات العربية تستغل "الأزمة السوريّة" وتخفض سعر الأعمال المدبلجة
بعض شركات الإنتاج تعوّض خسائرها باستغلال الممثلين السوريين
وقّع أكثر من مئة ممثلٍ سوري ممّن يعملون في قطاع الدوبلاج، بيانّاً وزّعوه السبت (2 نيسان/ إبريل 2016) على شركات الإنتاج، طالبوهم فيه برفع وتوحيد أجورهم، لتصبح: "ضمن شريحة واحدة فقط، حدّها الأدنى يزيد 100% وما فوق، عن الأجر السابق، وفقاً لتعرفة كل شركة"، ودعوا عبر البيان إلى عدم مساومة الممثلين "تحت ضغط الحاجة" (وقصدوا بذلك مَن وصفوه بالشركات الناشئة أو غير الاحترافية)، وتلافي التقييمات المتباينة للأجور، وضمان تشغيل الممثل الأفضل وليس الأقل كلفةً، وتحسين دخل أولئك الذين توكل إليهم الأدوار الثالثة أو المتفرقات (وتكون عدد مشاهدهم أقل عادةً).
البيان الذي تلّقى موقع "بوسطة" نسخةً منه؛ أتى نتيجة اجتماع عقده الممثلون (يوم الجمعة الفائت)، وأمهلَ شركات الإنتاج للتجاوب معه حتى (10 نيسان/ إبريل الجاري)، بحسب ما أكّد لنا الممثل إياس أبو غزاله، أحد المسؤولين عن هذا الحراك، محذّراً الشركات التي لا تستجيب لمطالبهم من مقاطعة: "جميع الفنانين الموقعين عليه".
أبو غزالة وضعنا في أجواء الاجتماع، وما تم بحثه من توصيات كـ"دفع الأجور شهرياً دون تأخير، وتأهيل مكان التسجيل بشكل يهدف لتقديم منتج أفضل." وقال إنّه: "اقترح تشكيل نواة أساسية لرابطة أو تجمع خاص بالعاملين بقطاع الدوبلاج، لأن نقابة الفنانين تجاهلت معاناتنا على مدى خمس سنوات، وعزلت نفسها عن موضوعنا، مع أننا رغبنا أن يتم حراكنا هذا تحت سقف النقابة".
وأشار إلى أن ما حصل هو: "ظاهرة بذاتها، وخطوة كبيرة تضافرت فيها جهود فردية، أثمرت عن اجتماع ما يزيد على المئة ممثل، بحضور ممثلي شركات الإنتاج، بعضهم بعث رسائل قرأناها في الاجتماع، أبدو من خلالها دعمهم لهذه الخطوة، وأعلنوا عن استجابتهم المباشرة عبر رفع الأجور."
وأوضح إياس أبو غزالة بأنّ الغاية من الاجتماع هي: "رفع قيمة العمل السوري بكل القائمين عليه، فنحن ملوك هذه المهنة في الوطن العربي، وسواء كانت شركة الإنتاج هي مَن تظلم الممثل وتربح الكثير على حسابه، أو المحطّات العارضة تخفض أسعار شراء الأعمال المدبلجة، وتمنح الشركات المنتجة لقاءها مبالغ
ضئيلة؛ لن نسمح بذلك بعد اليوم، وسيتحدد أجر الممثل السوري بشكل واضح لا رجعة فيه، وإن رفضوا ليبحثوا عن بديل، وسيدركون أنه لا بديل عنه."
الممثل رامز الأسود أوضحَ في تصريحٍ خاص لـ "بوسطة" أن السبب الرئيسي لمشاركته بهذه الخطوة: "الأجور المتدنية لما دون الحدود المقبولة إنسانياً وليس فنيّاً فقط، لأن القيمة الفنية المرتفعة لا تأتي أصلاً من هكذا مبالغ، ومقارنتنا الواضحة بين أجورنا قبل الأزمة، وأجور اليوم قادتنا لرفع مطالبنا إلى الشركات المعنية". ولخّص رامز آلية العمل القائمة اليوم على الشكل التالي: "القنوات الخليجية (على سبيل المثال) تستغل الأزمة السورية، وتمنح الشركات المنتجة نصف ما كانت تأخذه قبل الحرب، أمّا شركات الإنتاج، فبدلاً من أن تعطي الممثل السوري نصف الذي كان يأخذه قبل خمس سنوات؛ تعطيه حاليّاً السدس أو السبع لا أكثر، وتأتي اليوم لتفاجأ بمطالبنا في مضاعفة الأجور! أعتقد أنّ هذا حقنا الطبيعي لتأمين لقمة العيش! وعتبنا ليس على غير السوريين، بل أبناء البلد الذين يفترض أنّهم يشاركوننا الإحساس بالمعاناة، وسط الظروف القاهرة التي نعيشها، لا أن يستغلّونا."
وأشاد رامز الأسود بتجاوب: "بعض الشركات ممّن تتفاعل دائماً مع هموم الفنان، وتؤمن أنه يشكّل جزءاً كبيراً من نهضتها، فرفعت الأجور مباشرة قبل الاجتماع". ولم يفوّت الممثل السوري فرصة الإشارة إلى تردّي آليات عمل قطّاع الدوبلاج في سوريا مؤخراً، فهو من وجهة نظره: "غير منظم وليس له سمات
واضحة، فضلاً عن عدم ارتباطه بنقابات يخضع لأنظمتها، ويحتاج لإصلاحاتٍ كثيرة، فأصحاب رؤوس الأموال لم يستطيعوا الدفاع عن هذه المهنة فهم ليسوا أهلها، وبعضهم أمّي ولا خبرة لديه بهذا المجال، ويتكاتفون مع المنتج غير السوري لسحق الممثلين السوريين، معتقدين أنّ الربح المادي هو الأهم، واضعين العنصر البشري بآخر القائمة، بينما هو العنصر الوحيد الذي تقوم عليه العمليّة أصلاً."
الفنانة وفاء موصلي التي لعبت بطولة العديد من الأعمال المدبلجة؛ تضامنت مع هذه الخطوة، عبر حضورها الاجتماع وتوقيعها البيان، وأكدّت لـ "بوسطة" عبر اتصالٍ هاتفي: "ضرورة رفع أجور العاملين في قطاع الدوبلاج، لتتناسب والأوضاع المعيشية السائدة." ورحبّت باستجابة بعض شركات الإنتاج السريعة لمطالبهم، وأملت بأن تحذوا البقيّة حذوهم.