تتجه الأنظار هذه الأيام إلى ليبيا بعدما توغل «داعش» مقابل الضفة الأوروبية، وأحكم قبضته على مناطق ليبية نظراً لغياب الدولة وانتشار الفوضى وعمليات التسليح العشوائية.
وليس عبثاً أن يؤرق تمدد تنظيم «داعش» في ليبيا الأوروبيين ودول الجوار على حد سواء، فجميع التقارير تؤكد جدية الخطر القادم من المستنقع الليبي الذي انفلت بشكل واضح منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 ليزداد سوءاً مع تعثر العملية السياسية في ليبيا وتعذر تشكيل حكومة وحدة وطنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه هناك.
وأفردت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تحقيقاً قام به خبير الأسلحة تيموثي ميشيتي وهو خبير في مجال استقصاء مصادر الأسلحة المستخدمة في مناطق الصراعات حول العالم، ليفضح حجم خطر التسلح لدى هذا الفرع الناشئ لـ«داعش» في ليبيا.
فـ«داعش» يستميت في محاولات رفع علم خلافته المزعومة فوق الأراضي الليبية مستغلاً غياب الدولة وتعطل المسار السياسي لتشكيل حكومة وطنية ليبية، وعينه طبعاً على الثروة النفطية التي تزخر بها البلاد لتمويل عملياته الإرهابية، ولكن حسب التقرير الذي نشرته «الإندبندنت» فإن التنظيم لم يستفد من هذه النقاط فقط بل حصل على غنيمة حقيقية مما تركه نظام معمر القذافي.
ويكشف التحقيق الذي قام به الخبير عن كيفية حصول تنظيم «داعش» على صواريخ معمر القذافي المضادة للطائرات، ويقول إنه نجح في الوصول إلى مقر إحدى الجماعات المسلحة بمدينة سبها بعدما أقنع أفرادها بالسماح له برؤية أكثر أسلحتهم قيمة ووجد في مخازنهم 4 صواريخ من طراز «إس إيه 7» وصاروخين من الطراز الأحدث للمنظومة ذاتها «إس إيه 16».
وحصل المسلحون على هذه الصواريخ من مهربين من البدو كانوا بصدد نقلها بطريقة غير مشروعة إلى تشاد، إلا أن الخبير الذي اكتشف هذه المعدات يؤكد أن جميعها من ترسانة العقيد القذافي السابقة، واستند الخبير في نتائجه إلى الأرقام التسلسلية للصواريخ.
وحسبما ورد في التقرير فإن هذه الصواريخ قادرة على إسقاط طائرات مدنية، لكن الخبير ميشيتي يؤكد أن المقاتلين لا يمتلكون قاذفات لهذه الصواريخ وبالتالي فهم لا يستطيعون إطلاقها حالياً.
وعززت هذه الحقائق مخاوف الخبير من فرضية حصول عناصر داعش في ليبيا على بعض هذه الصواريخ وخاصة أن الآلاف منها اختفت بشكل غامض من مخازن أسلحة نظام القذافي، وهذه الفرضية تصب في خانة توقعات مسؤولين أميركيين من استخدام داعش هذه الأسلحة في المعارك الدائرة لضم مزيد من المناطق النفطية إلى الأراضي التي يسيطر عليها.
وربما لهذه الأسباب أو لغيرها أبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما عن «حسرته» على فترة حكم العقيد معمر القذافي وذلك في مقابلة صحفية نشرتها مجلة «ذي أتلنتك» منذ يومين، وهذا القلق الغربي مبرر حتماً، ولاسيما بعدما قرع «داعش» في ليبيا طبول الحرب، وحاول مسلحوه القادمون من هناك السيطرة على مدينة بن قردان التونسية لتكون إمارته الجديدة في شمال إفريقيا وفزاعة حقيقية على ضفاف أوروبا.
(روسيا اليوم- الاندبندنت)