جذب التلفزيون السوري المُنشأ حديثاً بداية الستينات الفنان التشكيلي حسان أبو عياش إلى العمل فيه كمهندس ديكور بعد تخرجه عام 1965 في كلية الفنون الجميلة بدمشق متجاهلاً فرصاً مغرية أخرى للعمل في إحدى دول الخليج، حتى إنه فضل هذا العمل على أن يكون معيداً في كليته رغم أنه كان من المتفوقين فيها. يتذكر أبو عياش المولود في السويداء عام 1943 تلك البدايات مع الديكور التلفزيوني بكثير من الحنين والسعادة ويقول عنها: تقدمت بطلب التوظيف إلى التلفزيوني السوري واخترت من بين المتقدمين لأكون مهندس ديكور تلفزيوني وكان ذلك في منتصف عام 1966، وشاركت زملاء سبقوني إلى هذا العمل مثل الفنان سعيد النابلسي وهو أول من عمل في الديكور منذ تأسيس التلفزيون وكذلك الفنان يحيى العظم والزميل لبيب رسلان وبعد ذلك زاملنَا كل من الفنانين أسماء فيومي وأنور زركلي.
كان أبو عياش الشاب من الجرأة بحيث ينزل إلى الأستوديو ليصمم ديكورات بسيطة للبرامج معتمداً على خبرته السابقة في تصميم عدة إعمال ديكور أثناء دراسته لأجنحة في معرض دمشق الدولي وتنفيذه لنصب احتفالية الذكرى الأولى للثامن من آذار مستفيداً في الوقت ذاته من اتقانه للرسم الأمر الهام في الديكور التلفزيوني في تلك الفترة حيث كانت البرامج التلفزيونية الأولى عبارة عن رسوم على البانوهات بالأبيض والأسود لرموز تدل على البرامج كرسم تكوين من الساعات لبرنامج أخبار الساعة، أو رسم صورة لكل من أبو صياح ودريد ونهاد وغيرهم عندما كانت تجرى معهم المقابلات.
يعترف أبو عياش أن في تلك الفترة لم تكن لديه ولزملاؤه الخبرة الكافية في الديكور التلفزيوني، خاصة في فترة البث بالأبيض والأسود وعنها يقول: كل ما كنا نشاهده في تلك الفترة هو برامج التلفزيون السوري وأحياناً نلتقط إحدى المحطات اللبنانية وكانت ديكورات التمثيليات أقرب للديكور المسرحي المؤلف من صندوق مفتوح من البانوهات مع وجود باب أو نافذة توزع أمامه المفروشات وتعلق بعض اللوحات البسيطة.
فترة السبعينيات
من الديكورات التي صممها أبو عياش في تلك الفترة، زقاق المايلة، فوزية، عواء الذئب إخراج شكيب غنام، أرض العجاج، ستريو الحي الشرقي، إخراج هاني الروماني والعمل الأخير صور في أثينا، وكان عملاً بالألوان، ويذكر أبو عياش هنا أن إنتاج التمثيليات والمسلسلات كان كثيفاً فقد كانت حلقات المسلسل لا تتجاوز 13 حلقة وهي تعرض أسبوعياً على مدى ثلاثة أشهر مدة الدورة التلفزيونية.
إلى جانب المسلسلات في السبعينيات صمم أبو عياش ديكورات مسرحية الغرباء إخراج علي عقلة عرسان عام 1974 التي عرضت على مسرح الحمراء ومسرحية ضيعة تشرين إخراج دريد لحام عام 1974، وفيلم المغامرة إخراج محمد شاهين عام 1974، ومسرحية (الممثلون يتراشقون الحجارة) إخراج يوسف حرب عام 1975 ومسرحية كاسك يا وطن إخراج دريد لحام عام 1979.
عن تلك المرحلة من العمل يوضح أبو عياش أن الجو العام في التلفزيون السوري كان حميمياً أخوياً، ويقول: كان الجميع من مصممي ديكور ومخرجين ومهندسي إضاءة وصوت ومصورين يعملون معاً لبناء الدراما التلفزيونية خطوة خطوة، ولاسيما أن العمل كان يجري ضمن الأستوديو والجميع كانوا يعتمدون على مواهبهم ومعارفهم الذاتية ونشاطهم واجتهادهم فقط، ولاسيما أن أكثرهم لم يكونوا حائزين على شهادات علمية في مجالهم الفني والمهني.
يتابع أبو عياش: أذكر بعض الزملاء من المخرجين في تلك الفترة ممن عملت معهم بكل ب6%المه979A مDهاب غنام، صو9D8ء ملدر؆ فينوه%صوAسان جبري ورياض ديار بكرلي وفيصل الياسري ودريد لحام وهاني الروماني ومحمد فردوس أتاسي ومن مشرفي الإضاءة سمير سمارة وهشام دمشقي، وفي المكياج صبحي المصري وعبد الرحمن كرزون وهيثم كواكبي ومصممة الأزياء والديكور هيفاء عربي كاتبي ومن المصورين حبيب عبود ومحمد سلامة وغيرهم كثر حيث عملنا معاً لسنوات بكل حب وتعاون واحترام.
فترة الثمانينيات
انتهت فترة الأبيض والأسود في التلفزيون السوري عام 1981 بتسجيل أول عمل تلفزيوني ملون والذي تم تركيب الديكور له في الأستوديو رقم 2 وكان اسمه الدروب الضيقة من إخراج محمد فردوس أتاسي حيث تميزت المسلسلات بعدها بديكورات أكثر اتقانا وخاصة بالنسبة لتركيبها المعماري وإغنائها بالمفروشات والإكسسوارات المناسبة كما يؤكد أبو عياش.
ويقول: أذكر من الأعمال التي صممت الديكور لها في الثمانينيات من القرن الماضي، الجذور الدافئة من إخراج سليم موسى عام 1981 مرايا من إخراج هشام شربتجي عام 1984، عريس الهنا عام 1984 إخراج محمد الشليان، الأجنحة من إخراج شكيب غنام عام 1984، الطبيبة إخراج محمد فردوس أتاسي عام 1985، رجال وضباب من إخراج جميل ولاية عام 1986، الهجرة الى الوطن إخراج شكيب غنام عام 1987 وجميعها سجلت في الأستوديو رقم (2) مع بعض اللقطات الخارجية، إضافة لمسلسلات القطاع الخاص من إخراج عدد من المخرجين منهم منذر النفوري ورياض ديار بكرلي ومحمد فردوس أتاسي وعمر العلي، وكانت حلقات المسلسل لا تتجاوز 17 حلقة في ذلك الوقت.
كما صمم أبو عياش عام 1983 ديكورات فيلم أحلام المدينة إخراج محمد ملص، ديكورات فيلم وقائع العام المق%Aلأ%F ل8و8ب lf88 lf88 lf88 lf8u6ي 9 حب lf8u6e=”text-align: jus8ن ياش.
ىمحمتEر%التلفز%6 لسي حيB lf88تي 8%6 %9يلأ%F ل8و8ب lf88 lf88 lf8%8تسلظ5حمد %8 بت ف%سB5، ؈8إD9ففيلت %9طن إخراج شكD8ورافي%Dغ8ت 7ا وتعددت تقنياتها، وصار القطاع الخاص أكثر قوة في إنتاج أعمال كبيرة بفضل الإقبال الكبير على الدراما السورية في السوق العربية وكثرة المحطات التلفزيونية الطالبة لها في البلاد العربية.
ويتابع أبو عياش ذكرياته، فمن المسلسلات التي صممها في تلك الفترة مسلسلان من إخراج بسام الملا هما الخشخاش عام 1990 الذي صور في أستوديو اللاذقية، وأيام شامية عام 1992، والذي نال إعجاباً كبيراً من المشاهدين لكونه أول مسلسل بيئة شامية تناولته الدراما السورية وبديكورات ضمن الأستوديو، وبعده جاء حمام القيشاني عام 1994 إخراج هاني الروماني الذي صور على خمسة أجزاء حتى عام 2002، العبابيد عام 1995 إخراج بسام الملا وعن هذا العمل يقول: بذلت في مسلسل العبابيد كثيراً من الجهد حيث صور في أماكن متعددة منها أستوديو رقم (2) وأستوديو اللاذقية وفي تدمر وقلعة الحصن وخان الشيح وبيت جن وغيرها من الأماكن ودام تصويره عامين.
وخلال هذه الفترة صورت كثيراً من البرامج الثقافية والتاريخية والرمضانية مثل دوحة المعرفة، وقناديل رمضان، وأعلام العرب، وقطوف من رمضان وغيرها، ومن الديكورات التلفزيونية الغنائية التي عمل فيها أيضاً مهرجان المحبة في استاد اللاذقية عام 1991، ومهرجان الأغنية السورية الرابع في حلب عام 1997 والسادس عام 1999 إخراج دريد لحام ومسرحية الشامية (الصوت) إخراج مروان الرحباني بقصر المؤتمرات، وغنائية الربان والقوافي عام 1999 إخراج بسام الملا في قصر المؤتمرات.
فترة الألفين وما بعدها
عن تلك الفترة يقول أبو عياش: في عام 2003 أحلت إلى التقاعد لبلوغي سن الستين وبذلك اقتصر عملي بعدها على القطاع الخاص بشكل أساسي، وأقمت بهذه المناسبة معرضاً لأعمالي خلال الفترة السابقة في صالة الشعب وأصدرت كتيباً بعنوان (تجارب في الديكور التلفزيوني) تحدثت فيه عن تجربتي خلال ثمانٍ وثلاثين سنة قضيتها في التلفزيون السوري، وافتتح المعرض في وقتها السيد وزير الإعلام عدنان عمران وكان أول معرض يقام في هذا المجال.
لم يتقلص نشاط أبو عياش بعد بلوغه سن التقاعد ومغادرة العمل في التلفزيون السوري فظل مواظباً على العمل الذي أحبه مع القطاع الخاص وصمم الديكور للعديد من الأعمال الراسخة في الذاكرة منها الخوالي عام 2000 إخراج بسام الملا، فضاؤنا الكبير عام 2002 إخراج محمد عزيزية، الداية 2002 إخراج بسام سعد، تغريبة بني هلال (أبو زيد الهلالي) عام 2003 إخراج باسل الخطيب، ليالي الصالحية عام 2004 وباب الحارة 2006 إخراج بسام الملا، كوم الحجر عام 2007 إخراج رضوان شاهين، نزار قباني عام 2005 إخراج باسل الخطيب، عنترة 2007 إخراج رامي حنا، أسعد الوراق 2009 إخراج رشا شربتجي.
ومن الديكورات التلفزيونية التي عمل فيها أيضا مسرحية المتنبي عام 2001 إخراج مروان الرحباني على مسرح قصر المؤتمرات، ومهرجانات الأغنية السورية في قلعة حلب الثامن عام 2002، والعاشر عام 2004، ومهرجان الأغنية العربية التاسع عام 2001 على مسرح معرض دمشق الدولي وديكورات تراثية لبرنامج منوعات لقناة المنار عام 2008 والتي تم تنفيذها في بيروت.
وفي هذه الفترة نال أبو عياش جائزة مهرجان القاهرة عام 2004 عن ديكور مسلسل الداية وجائزة أدونيا 2004 عن ديكور مسلسل ليالي الصالحية وجائزة مهرجان القاهرة 2007 عن ديكور باب الحارة.
ومن الأعمال التي صمم لها الديكور في الفترة الأخيرة أبو خليل القباني عام 2010 إخراج ايناس حقي، دليلة والزيبق عام 2011 إخراج سمير حسين، قمر شام عام 2013 إخراج مروان بركات، حدث في دمشق عام 2013 إخراج باسل الخطيب، حمام شامي عام 2013 إخراج مؤمن الملا الذي نفذ في أبو ظبي وكان آخر ما قدمه شيخ كار الديكور التلفزيوني في سورية هو مشاركته في الديكور في مسلسل حرائر عام 2015 إخراج باسل الخطيب.
يقدم أبو عياش اليوم مثالاً عن النضج المهني والفني ويشكل حالة احترافية فريدة في عالم الديكور التلفزيوني ما جعل منه مرجعاً أساسياً في هذا المجال فكان له إسهامات في التدريس الأكاديمي لفئة الشباب من الفنانين الشباب الراغبين باحتراف الديكور الفني سواء في كلية الفنون الجميلة أو هندسة العمارة أو المعهد المسرحي كما رسخ نفسه مبدعا في ذاكرة الدراما السورية بشكل خاص وفي الفن السوري عموماً ما يبشر بفرصة الاستفادة من هذه الخبرات الفنية والمهنية المتراكمة لديه لتقديم رؤية فنية جديدة تحمل الهوية الفنية السورية فيما سيقدم من أعمال درامية وإعلامية في مستقبل الأيام القادمة والمترافقة مع إعادة إعمار سورية.
تشرين