أعلن رئيس رابطة الأطباء النفسيين مازن حيدر أن التقديرات لدينا أشارت إلى إصابة نحو 4 بالمئة من سكان البلاد بالأمراض النفسية الشديدة خلال الأزمة، من أصل 20 مليون نسمة.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» كاشف حيدر عن وجود 70 طبيباً أخصائياً نفسياً فقط في البلاد مؤكداً أن هؤلاء لا يغطون سوى 9 بالمئة لعلاج المصابين.
وأوضح حيدر أن الإحصائيات العالمية أن الأمراض النفسية بالأزمات تتضاعف إلى مئة بالمئة، موضحاً أنه إذا كانت نسبة الاضطرابات في البلاد 10 قبل الأزمة فإنها ارتفعت إلى 20 بالمئة خلال فترة الحرب.
وبين حيدر أن هناك تقسيماً عالمياً للاضطرابات شديدة ومتوسطة وخفيفة وبالتالي فإن الشديدة ارتفعت إلى 4 بالمئة في حين المتوسطة من 20 إلى 40 بالمئة أما الخفيفة فإنها ارتفعت من 50 إلى مئة بالمئة.
وأعلن حيدر عن مشروع باسم ردم الفجوة وهو مشروع لتدريب أطباء من مختلف الاختصاصات على العلاجات النفسية بالتعاون مع الصحة العالمية مؤكداً أنه تم تدريب أكثر من 2500 طبيب من وزارة الصحة على العلاج النفسي.
وأكد حيدر أن الإقبال من الأطباء على التدريب فاق التوقعات وخصوصاً في ظل النظرة السلبية على مثل هذا النوع من الاختصاص، موضحاً أن هناك أطباء من محافظات عديدة.
وقال حيدر: الأطباء الذين تم تدريبهم يستطيعون معالجة المصابين بالأمراض النفسية ولو كان اختصاصه داخلياً أو من غير اختصاص ولاسيما أنه تم تدريبهم لمعالجة الحالات الشديدة، منوها بأنه هناك نحو ألفي تشخيص بالأمراض النفسية وهذا يدل على أهمية زيادة عدد الكوادر الطبية في هذا المجال.
وأوضح حيدر أن من الحالات الشديدة التي من الممكن أن يتعرض لها المريض مرض الفصام وهو أشد أنواع الأمراض النفسية إضافة إلى أمراض الهوس والاكتئاب الشديد الذي يترافق معها تراجع في الأداء الوظيفي ومحاولة الانتحار والحالات المتقدمة للإدمان سواء كان كحولاً أو مخدرات والتوحد الشديد وغيرها من الحالات الشديدة التي تدخل ضمن هذا الإطار.
وأضاف حيدر: نعمل حالياً على وضع معايير لإدخال خريجي علم النفس ليكون لهم دور في العلاج النفسي وذلك من باب تخفيف العبء على الأطباء النفسيين وخصوصاً أن سورية بحاجة إلى أكثر من ألفي طبيب بمعنى أنه كل مليون بحاجة إلى مئة طبيب.
وأوضح حيدر أنه بعد وضع المعايير لإدخال خريجي علم النفس سيتم رفع المقترح إلى وزارة الصحة ومن ثم إلى مجلس الشعب لإقراره كقانون، كاشفا أنه في العام الماضي تم تخريج طبيبين نفسيين وهذا الرقم قليل جداً في حين العام الحالي هناك 15 طبيباً مقيماً مسجلاً في الطب النفسي.
وفيما يتعلق بأسباب قلة الأطباء النفسيين في سورية قال حيدر هناك الكثير من الأسباب لكن أهمها نظرة المجتمع السلبية لهذا النوع من الاختصاص ما يدفع الأطباء بتجنب الاختصاص النفسي وخصوصاً أنه يقال عنه طبيب مجانين مشيراً إلى الأخطاء التعليمي في كليات الطب وهو أن الأطباء النفسيين لا يتدربون إلا عن أمراض الفصام في مشفى ابن النفيس وهذا غير كاف.
وأشار حيدر إلى أن هناك عدداً لا بأس به من الأطباء النفسيين يعملون خارج البلاد نتيجة الرواتب المغرية التي يحصلون عليها من الدول التي يعملون بها باعتبار أن هذا الاختصاص مطلوب لديها، مشيراً إلى أن هناك نحو 100 طبيب سوري في السعودية و200 في فرنسا.
ولفت حيدر إلى أنواع العلاج وهي ثلاثة دوائي ونفسي واجتماعي وبالتالي إذا تكاملت هذه الأنواع فإن نسبة العلاج ببعض الاضطربات تكون مئة بالمئة والشديد منها تكون نسبة العلاج 70 بالمئة، مؤكداً أن هناك إقبالاً كبيراً على العلاج من المواطنين في الأزمة لدرجة أن بعض عيادات الأطباء تحجز مواعيد لشهر أو حتى شهرين.
وأضاف حيدر: إنه لم يعد هناك خجل بأن يذهب المريض إلى الطبيب النفسي ولاسيما في ظل تزايد المرضى بشكل كبير معتبرا أن المشكلة في قلة الأطباء ليس الوضع المادي فالطبيب النفسي له الامتيازات نفسها التي يحصل عليها الطبيب العادي إضافة إلى أن الكشفية ذاتها لدرجة أن الطبيب الذي يدرس الاختصاص يأخذ تعويضاً يعادل ضعف الطبيب العادي.
وأضاف حيدر: المشكلة في نظرة المجتمع وأخطاء التعليم والرغبة الشديدة لدى الدول الأخرى في هذا الاختصاص، مشدداً على ضرورة تكاتف الجهات المعنية في القطاع الصحي لتطوير الاختصاص النفسي ولاسيما فيما يتعلق بزيادة الكادر الطبي.
وأكد حيدر أنه في مؤتمر الرابطة والذي اختتم منذ أيام تم وضع الكثير من المشاريع والحلول لتطوير الطب النفسي في البلاد.
يذكر أن الدراسات العالمية وضعت معايير للطب النفسي في البلاد منها أنه يجب أن يكون لكل 10 آلاف مواطن طبيب نفسي ويزداد العدد في ظل الأزمات وخصوصاً التي تأخذ فترة طويلة نتيجة ازدياد عدد المرضى لدرجة أنه يصبح هناك تفاقم بالأمراض النفسية.
وكانت رابطة الأطباء النفسيين عقدت مؤتمرها السنوي نهاية الأسبوع الماضي فطرح فيه العديد من المشاكل والمقترحات لحلها ومنها ضرورة زيادة عدد الأطباء النفسيين في سورية وتطوير هذا النوع من الاختصاص.