أكد رئيس مجلس الوزراء عماد خميس أن الحكومة لن تتهاون ولن تترك أي (شبر) من أملاك الدولة إلا بعد إعادة النظر فيه وبالعقود الخاصة فيها، مشيراً إلى أن معظم أملاك الدولة مؤجرة بأسعار بخسة، «بتراب المصاري» على حدّ تعبيره.
جاء ذلك خلال الاجتماع النوعي الذي عقده خميس يوم أمس على خلفية ما حدث في استثمار مول قاسيون وذلك من إهمال وهدر في حق المال العام الأمر الذي تحاول الحكومة تداركه لاستعادة حقوقها، وأضاف خميس: إن الإيجارات الحالية لمعظم أملاك الدولة لا تليق بالمؤجر ولا بالمستأجر ولا حتى بسمعة الحكومة نفسها.
ورأى خميس أن قانون الإدارة المحلية الأخير الصادر عام 2011 أفرز سياسات لا تليق بعمل الإدارة المحلية الأمر الذي يتطلب تصويبه بعد الخلل الذي حدث، مؤكداً على أن ملف محاربة الفساد من أولويات عمل الحكومة.
ولفت إلى وجود العديد من الاستثمارات والعقارات والأملاك والمنشآت الحكومية غير المستثمرة بالإطار الصحيح حتى في آلية العقود والاستثمار وهذه مهمة تقع على عاتق الحكومة، مشيراً إلى وجود لجنة وزارية مشكلة من مدير دعم القرار مهمتها متابعة كافة القضايا المتعلقة باستثمارات الدولة.
وأشار خميس إلى ضرورة الخروج بآلية تتبع حقيقية ووضع برنامج زمني للتنفيذ، ولاسيما في العديد من المشاريع والمنشآت السياحية المؤجرة بأبخس الأسعار، وما حدث في منشأة واحدة الأسبوع الماضي أكبر دليل على ذلك، والكل شاهد كيف البعض بدأ يصطاد بالماء العكر، وفيما حدث في مول قاسيون، «كنا نطمح لأن نحقق مردود 300 مليون ليرة في الاستثمار، وقد تم طلب هذا الرقم من المستثمر القديم، إلا أنه رفض، بعد سنة من الأخذ والرد، إلا أن الرفض جاء لمصلحة الخزينة العامة للدولة، فالرقم الذي حصله المول مليار و20 مليوناً ممكن أن يؤمن إقامة مشروعين على الأقل ويؤمن 100 فرصة عمل.. وقس على ذلك».
وأضاف متسائلاً: «كم منشاة وكم مولاً بحاجة لإعادة النظر فيها.. وأماكن سياحية هامة مثل صافيتا التي تضم 46 محلاً ومركزاً تجارياً بحاجة إلى إعادة النظر فيها».
وأشار إلى أن ما يزيد على 15 بالمئة من المنشآت التي يستثمرها القطاع الخاص هي ملك الحكومة، فإذا استثمر هذا الرقم بالشكل الصحيح فسوف يكون هناك مردود كبير للدولة.
بدوره قال مدير دعم القرار حسين إبراهيم «بادرنا بزيارات متكررة للوزارات وتوصلنا من خلال الحوارات إلى تصور عن حجم المشكلة مع الجهات المعنية والصعوبات التي تواجههم وهذا لم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا فالقضية صعبة لأنها تتضمن حالة لعقار مؤجر بين جهة عامة وقطاع خاص تحكمها قوانين، إذ إن إعادة النظر بالعقد يتطلب اللجوء إلى القضاء».
مشيراً إلى أن كل الجهات تبذل جهداً في سبيل هذا الموضوع وبطرق شفافة «فنحن أمام ملف استثنائي، لا يكفي تشكيل فرق عمل تجتمع كل فترة للوصول إلى المطلوب، وما نحتاجه هو منهجية تتضمن تجميع البيانات وترتيب العقارات». متسائلاً: «إلى أين سوف نصل؟ وما هو حجم البدل الذي سوف نرفعه لكل عقار ما يحتاج إلى لجان خاصة؟ وما هي التعديلات المطلوبة لنصل إلى رفع قيمة كل بدل، وهذا يجب أن يؤطر ضمن إطار خطة وبرنامج زمني؟.. فقد لاحظنا أحياناً أنه حتى الجهات الوزارية تشتكي من عدم تعاون بعض الجهات العامة وذلك بسبب عدم وجود خطة زمنية تحاسب المقصر».
مشيراً في تصريح للصحفيين إلى وجود إنجازات تحقق على الصعيد الحالي، مبيناً أن الحكومة حاسمة في هذا المجال، وعلى الوزارات أن ترتب عقاراتها حسب الأولوية وإعادة النظر بالبدلات. موضحاً أن وزارة الزراعة حققت مبدئياً زيادة 6 مليارات ليرة سورية على صعيد زيادة البدلات وهناك مشروع تم رفعه للحكومة لزيادة بدلات الأملاك إلى ما يصل إلى مليار ليرة، إضافة إلى وجود ملف يتبع لوزارة العمل ورفع بدلات تتعلق بمؤسسة التأمينات الاجتماعيةـ إذ هناك حراك على مستوى كافة الوزارات وهناك متابعة حثيثة ضمن هذا الإطار، وسوف يتم وضع برامج زمنية خلال أيام لتحقيق عوائد بالمليارات خلال فترة قريبة.
الحكومة تفتح ملفات مغلقة منذ سنوات
أكد الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء قيس خضر لـ«الوطن»: أنه خلال تقييم واقع استثمارات أملاك الدولة فتحت الحكومة ملفات مغلقة منذ عدة سنوات، من أجل تحديثها مع متطلبات المرحلة المقبلة، وبما يفتح آفاقاً استثمارية جديدة تطور البنى المؤسساتية لإظهار كيف يمكن للحكومة السورية التحديث والعصرنة، مضيفاً: نحن على ثقة أن المرحلة القادمة سوف تشهد إيرادات مضاعفة من خلال الاستثمار بالشكل الأمثل.
وأكد خضر أن الحكومة السورية ليست قاصرة اليد عن تعديل أي تشريع فيه مصلحة عامة، وبين أن الهدف هو تحصيل مواردها بما يحقق المصلحة العامة لذلك فالتشريعات عرضة للتحديث والتطوير، مشدداً على أن الحكومة تضع نصب أعينها المصلحة العامة بدايةً ولم يوقف هذا المشروع وهو ماض حتى نهايته.
وبين خضر أن الحكومة اليوم ومن خلال فتحها لهذا الملف سوف تواجه العديد من العقبات، لافتاً إلى أن ما تقوم به الحكومة هو عمل قانوني ومشروع، وأن الظروف الراهنة لن تجعل الحكومة تتردد في هذا الموضوع، إذ إن اللحظة الراهنة مناسبة جداً لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
..الوزراء نظرة جديدة للعقود السابقة
بدورها أكدت وزيرة الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني أنه خلال العمل الذي تم من خلال لجنة القرار 1453 الذي بدأ الشهر الثامن 2016 ومازال العمل مستمراً فيه فقد تم حصر كافة العقارات المملوكة للدولة والمؤجرة أو المستثمرة للقطاع الخاص، بحسب الوزارات، وتم البدء بمعالجة هذه الملفات، وقد عالجت اللجنة أكثر من ملف ومنها الملف التابع لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، والذي حقق نقلة نوعية بقيمة العقارات المؤجرة بواقع 6 مليارات زيادة عن القيمة التي كانت سابقا، وتمت معالجة ملفات وزارة الإدارة المحلية من خلال اللجنة وكان هناك عوائد تفوق 74 مليوناً زيادة وهي منتشرة بالمحافظات وملكيتها تابعة للمجالس المحلية، كما تم كذلك معالجة ملف الاتصالات أو المساحات المؤجرة لشركتي الاتصالات وتمت إعادة النظر فيها، وذلك من خلال التنسيق المستمر لرفع هذه الإجارات بمعدل يتناسب والقيمة الاقتصادية المطلوبة وكانت الزيادة نحو مليار و200 مليون ليرة سورية فرق تسعير، وسوف يتم العمل بها فور تعميمها خلال أيام.
وأشارت إلى أن العقارات التابعة لوزارة الأوقاف لها خصوصية من أنها أملاك تعود للوقف وتعالج بطرق مختلفة، نتيجة ذلك قدمت البيانات كاملة من الوزارة وسوف تتم معالجتها، وهي قيد الدراسة، كل ملف على حدة.
من جانبه بين وزير الزراعة والإصلاح الزراعي أحمد القادري أنه تم منذ بداية العام الحالي زيادة الإيجارات عشرة أضعاف وهناك أراض يتم تأجيرها بقصد الاستثمار وفق آلية مختلفة بحيث تأخذ الوزارة 7 بالمئة من القيمة كأجار سنوي بالإضافة إلى 1 بالمئة من الإيرادات المتحققة من تاريخ بدء الإنتاج.
وأوضح وزير السياحة بشر يازجي أنه تم التوقف على جميع مشاريع الوزارة وكان هناك مشاريع تم فسخ عقودها لأنها لا تعود بالفائدة على أملاك الدولة بالإضافة إلى فسخ الاستثمارات غير الجدية. مؤكداً أهمية وضع تشريع من أجل تحقيق التوازن العقدي وبما يساعد الوزارات لتجاوز المشاكل المستقبلية بالعقود إضافة إلى وضع آلية للشركات الخاصة المساهمة فيما يخص الاستثمارات.
من جانبها بينت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لديها 16 عقارا مؤجرا للقطاع الخاص، لافتة إلى أهمية تعديل التشريع الموجود لتجاوز أي عائق قانوني بمراجعة بدلات الإيجار.
بدوره بيّن وزير الصناعة أحمد الحمو أن معظم العقارات في الوزارة تم جردها وسيتم تصنيفها بعد وضع قاعدة معلومات خاصة بها.
وأشار وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف إلى أنه تم تشكيل لجنة برئاسة معاون الوزير بهدف تتبع تنفيذ معالجة الإيجارات والاستثمارات، إضافة إلى تشكيل لجنة على مستوى كل محافظة وهناك تفاوت في أداء المحافظات وتجاوبها مع هذا الملف من حيث البدء بالمعالجة وحصر الملفات. موضحاً أهمية إصدار تشريع يمنع تأجير أي عقار إلا بالحد الأدنى من قيمة العقار والالتزام بجدول زمني عن تقدم الأعمال في هذا المجال.
من جانبه أشار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد اللـه الغربي إلى أنه تم بالتعاون مع وزارة العدل مراجعة كافة العقارات المؤجرة في الوزارة، مؤكداً أن أي عقار يحقق نفعاً عاماً يحق للدولة استرداده.
من جهته لفت وزير النقل علي حمود إلى إجراء جرد لجميع العقارات المؤجرة والممكن تأجيرها والأملاك العامة البحرية هناك إمكانية لاستثمارها من خلال وضع خارطة استثمارية على الساحل السوري.
وخلص خميس إلى أن الحكومة مصممة على معالجة هذا الملف الهام الذي يحقق موردا هاما للدولة، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يحقق مبالغ كبيرة سوف يتم العمل على توظيفها لتحريك عملية التنمية وتنشيط حركة السوق التجارية. لافتاً إلى ضرورة وضع برنامج زمني في كل محافظة لإنجاز الملفات المتعلقة بالأملاك المؤجرة والمستثمرة وإعداد تقرير شهري عن مدى إنجاز العمل وفق مصفوفة واضحة.