يبدو أن ملف التعليم العالي وكل ما يرتبط بعمل الجامعات والكليات من الناحية الإدارية والتعليمية وشؤون الطلاب سيأخذ منحى مغايراً خلال الفترة القادمة ويرسم توجهاً واضحاً لتطوير قطاع التعليم الذي يضم 600 ألف طالب وطالبة في الجامعات، ولا سيما أن رئيس مجلس الوزراء لخص أجندة العمل بحذافيرها خلال ترؤسه أول اجتماع موسع لمجلس التعليم العالي منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس عماد خميس.
نقاشات ومحاور عدة تم التطرق إليها في اجتماع ترأسه خميس أمس في مبنى التعليم العالي بحضور وزيري التعليم العالي والتربية ومعاونيهما، إضافة إلى رؤساء الجامعات السورية ورؤساء المراكز البحثية ورؤساء عدد من الجامعات الخاصة وعمداء بعض المعاهد، كان أبرزها موضوع السنة التحضيرية للكليات الطبية التي كانت الشغل الشاغل لعمل الوزارة في سعيها نحو إقرارها واعتمادها رغم عدد من الانتقادات حولها والتداعيات القائمة حيالها بما فيه جودة المخرجات الخالصة من وزارة التربية.
كما تم تسليط الضوء على الامتحان الوطني والبحث العلمي.
وقال رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس: إنه لا يمكن أن ننكر الخلل الإداري الحاصل في الجامعات والكليات، حيث لا بد من معالجة الواقع الإداري والترهل الحاصل وفق آلية معينة عن طريق مجلس التعليم العالي الذي له رمزية تختلف عن أي مجلس آخر.
وأشار خميس إلى وجود آراء متباينة ومترامية حول تطبيق السنة التحضيرية والامتحان الوطني، بحيث لا بد من تبني الرأي الصحيح وإقناع الشريحة المستهدفة منه سواء إذا اتخذنا قراراً بالاستمرار لمرحلة معينة بتطبيق ذلك بأن تكون قادرين على الإقناع بصوابية قرارنا أو إذا تراجعنا فنوضح أسباب التراجع، أي أن نبني قراراً وندافع عنه على أن يكون الوزير ملماً بقطاعه ويقنع الجميع بذلك، لافتاً إلى أن التركيز على الواقع الإداري فهو في عهدة مجلس التعليم العالي بغية تطويره من خلال إجراء مقارنات وإحصائيات، إضافة إلى ورش عمل تخصصية والتوصل إلى نتائج وإجابات واضحة.
وأوضح خميس أن طرح معايير إضافية للقبول الجامعي أصبح ضرورة علمية يجب أن يتم تسويقها بصورة دقيقة وبمهنية عالية إضافة إلى ضرورة تصويب الواقع العلمي وأين نحن علمياً ومنهجياً وما ترتيب جامعاتنا بين جامعات العالم، لافتاً إلى ضرورة تقييم التعليم المفتوح والتعليم الافتراضي والتعليم المهني، ذاكراً بالقول: نطمح بأن تكون مخرجات التعليم العالي أكبر وذلك عبر التنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة وربط المخرجات بسوق العمل، مؤكداً أنه سيكون هناك اجتماعات نوعية للجنة الاستيعاب لتطوير آليات الاستيعاب بما ينعكس على الجامعات وتطويرها على أن تقترح اللجنة لمجلس التعليم مختلف المسائل المهمة.
وأكد رئيس الحكومة أنه لا فصل بين التربية والتعليم العالي ويجب تكثيف ورشات العمل لتطوير التكاملية بين الوزارتين، وطرح نشاطات فكرية وثقافية ضمن الجامعات، مبيناً أن هناك حاجة إلى تطوير قانون تنظيم الجامعات وتقييم الجامعة الافتراضية من الناحية المنهجية والإدارية وتقسيم الجامعات وتوزعها والتنوع في الاختصاصات وهو أمر ملح، لافتاً إلى ضرورة أن ينتهي الجدل الشخصي حول قرارات مجلس التعليم العالي.
وأضاف: في أي أزمة من الطبيعي أن نجتمع 10 مرات وإذا اضطر الأمر نجتمع على مدار الساعة، حيث إن مجلس التعليم العالي يجتمع بدورية معينة وظروف الأزمة أثرت في اجتماعاته، منوهاً بضرورة تكثيف الاجتماعات واللقاءات لتصويب الخلل في القطاع التعليمي بشفافية وبصوت مرتفع، فمن غير المقبول أن نترك كل عميد كلية وحده!! فمجلس التعليم العالي من يرسم ذلك، فقطاع التعليم يجب أن يبقى نقطة مضيئة، والسبب في تراجع ترتيب الجامعات هم القائمون الإداريون.
وأشار خميس إلى ضرورة عدم تقزيم البحث العلمي الذي خلق ليطور بالعلوم الأكاديمية والأبحاث الجديدة، حيث إن مواضيع البحث العلمي تخصص من خلال إعادة التقييم والرأي الأوسع، والبحوث ليست فقط للمعلوماتية والتكنولوجيا..إلخ بل تحتاج إلى أبحاث علمية جديدة تعالج ما أفرزته الأزمة وترتبط بالتغييرات الحاصلة، لافتاً في سياقه إلى أن قانون التفرغ مكرمة فهو بحاجة إلى إعادة النظر به وتطويره بشكل أكبر.
واعتبر رئيس الحكومة أن عدد المقبولين في الماجستير والدكتوراه يجب أن يكون أكبر، مطالباً بدراسة إمكانية التوسع بالعدد على صعيد الكادر البشري والبنى التحتية ولا سيما أن الدراسات العليا أصبحت ضرورة ملحة ويجب التوسع في هذا المجال.
وأكد وزير التعليم العالي الدكتور عاطف النداف العمل على تطوير نظام التعليم المفتوح وتصويب مساره ضمن تشكيل فريق عمل برئاسة رئيس جامعة تشرين وما تتوصل إليه اللجنة يعرض على ورشة عمل متكاملة ليصار إلى عرضه على مجلس التعليم العالي لاتخاذ القرارات اللازمة، إضافة إلى تقويم نظام التعليم الافتراضي، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات لرفع ترتيب الجامعات في التصنيف وهذا ما يتم العمل عليه بالعودة إلى المعايير المتعلقة بالتصنيف، كما يتم العمل على تطوير اللوائح في الجامعات الخاصة، وتطوير البحث العلمي كما يتم الإعداد لورشة عمل حول الامتحان الوطني لتقييم التجربة بلغة علمية.
وأوضح النداف أن هناك مشكلة في علم الإدارة، حيث نسمع عن معاهد إدارة بكثرة، مضيفاً: إن هناك دراسة للأمر وهناك مشروع تم طرحه بإحداث جامعة للعلوم الإدارية تضم كل شيء تحت إدارتها أو الأكاديمية العليا للعلوم الإدارية.
كما هناك مشكلة المعاهد على مستوى الوزارات، بحيث هناك ضرورة لتوحيد المرجعية للتعليم العالي وهذا يحتاج إلى دراسة كما أن هناك دراسة إعادة هيكلة مجلس التعليم العالي، وتعديل بعض مواد قانون البعثات العلمية، إضافة إلى تطوير سياسة البحث العلمي، مؤكداً صدور قرار لرئيس الحكومة بتشكيل فريق عمل من خبراء من البحث العلمي برئاسة وزير التعليم العالي لوضع إستراتيجية وإعادة هيكلة البحث العلمي على أن يكون مرتبطاً بالواقع.
إضافة إلى أهمية السنة التحضيرية التي أثبتت نجاحها وضرورتها من الناحية العلمية والاختيارية وميول الطالب ولا بد من تطوير البنية التحتية والمستلزمات لنجاح هذه التجربة.
وقال: إن الامتحان الوطني وضع من مجلس التعليم العالي وسيتم عقد ورشة لدراسة الأمر واتخاذ القرارات اللازمة بعد تقييم الموضوع، ذاكراً أن رئيس مجلس الوزراء وضع النقاط على الحروف في التعليم العالي وفق إستراتيجيات يجب العمل عليها وبرنامج زمني وآلية تنفيذية ووضع الكرة في مجلس التعليم العالي للبدء بالدراسات لإعداد القرارات الصحيحة.
وقال وزير التربية الدكتور هزوان الوز: لا نريد تقاذف الكرات، فمن الضروري تطبيق السنة التحضيرية ووجود معايير للقبول ليس من أجل الفرز فحسب، ذاكراً أن هناك تكاملاً بين التربية والتعليم العالي، حيث يوجد في أي جامعة من جامعات العالم معايير إضافية ولا بد من السنة التحضيرية فهي تكشف ميول الطلاب وهناك ضرورة لتطوير الكثير من الأفكار التي طرحت وخاصة أن مخرجات التربية تصب في التعليم العالي وأن جزءاً من مخرجات التعليم العالي يشكل الكادر التدريس في التربية.
وأضاف: طلبنا من التعليم العالي إعادة النظر في الانتشار الأفقي الكبير الذي تم العمل به في مختلف المحافظات لأننا لمسنا أن هناك تفاوتاً بين مخرجات كليات التربية.
وقال الوزير: إن 90% من جامعات العالم لديها معايير قبول أي لا تعتمد فقط على درجات الشهادة الثانوية ومن الطبيعي أن يكون هناك معايير إضافية، حيث إن هناك مفرزات ومنعكسات للأزمة على مختلف مناحي الحياة.
وقال رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد حسان الكردي: إن الاجتماع نوعي تم التطرق فيه بشفافية لإعادة النظر بالسنة التحضيرية وقراءة متأنية لنتائج الطلاب، حيث إن السنة التحضيرية ضرورة مهمة للدخول للكليات الطبي، حيث تم اليوم إقرار السنة التحضيرية وتأكيد ضرورة البحث العلمي ومعالجة النقاط السلبية التي خلفتها الأزمة.
وتم التطرق من بعض الحضور إلى حدوث خلل في منتج وزارة التربية وأصبح الدور هو معالجة الأزمات وليس هناك إدارة كما أن منتج التربية خلال الأزمة ليس كما كان سابقاً وأنه لم يستقر وزير في التعلم العالي لفترة طويلة ليساهم في رسم الأولويات.
وتم التطرق من رئيس جامعة تشرين الدكتور هاني شعبان إلى أن أكبر مشكلة في الجامعات الحكومية هي «السياح الجامعيون» من الطلاب الذين يمكثون في الجامعة لفترات طويلة، ذاكراً أهمية أن يتم تحويلهم إلى نظام تعليمي آخر.
.