سبات

لبنى الجابي

كل يوم افتح صفحة امامي لاكتب  ، تتجمد اصابعي عالكيبورد وتختنق الافكار في رأسي وتتزاحم وتختلط ، وانزلق الى اعماق روحي ابحث عن نافذة اهرب منها الى ذاكرة اخرى خالية من فوضى الاحاسيس

كل يوم ابحث عن فكرة واغرق بمئات الافكار المتزاحمة التي تبحث عن منفذ للخروج الى الصفحة البيضاء

دَيْن لاحدهم يخنق ذاكرتي ويعصرني ويحاصرني والف الف وردة نثرتها هباء في بستان ذابل تعاتبني  

كتاب بدأت قراءته ولم اكمله يناديني لاعود اليه ، موجة الحر تخنقني ، تعطلني ، تخمد انفاسي فاستجدي من المكيف نسمة باردة لكنه عاجز عن انقاذي اذ ان الكهرباااااء ……..ااااه كل فكرة تجرني الى اعاقة . والاعاقات اكثر من ان تحصى

اترك كل شيء وابحث في ذاكرتي الداخلية عن سبب للملل ، اضحك من نفسي ، لم الملل ، فانا كنت اجد ان الوقت لايكفي لكل ماارغب ان اعرفه ، الوقت عاجز عن مواكبة شغفي وفضولي ، ولكني اكتشفت انه حتى اوردتنا وشراييننا تعمل عالكهرباء ، انني اهذي ، اعرف ذلك ولم لا، كلنا يهذي ، ارتبط نبض قلوبنا مع الخط البياني للعملة الخضراء ، وصارت الصدمات التي ننالها كلما دخلنا محلا لشراء شيء ما بمثابة منبه دائم الصفير في اذاننا ، (انجلطنا )، الكلمة الشائعة التي يستخدمها الجميع في هذا المقام ، ربما لاتكفي ، فقد انتقلت الحالة الى السبات ، نعم اصبحنا نتجول وكأننا في غيبوبة ، اصوات الرعد حولنا ، ارتفاع الاسعار ، الحر ، الوقوف القسري المتكرر وانت تقود سيارتك ، ووووووو…..كلها لم يعد لها اي مفعول ، دخلنا حالة السبات ، نجلس مساء لنقلب اقنية التلفاز ، تخنقنا الدراما التركية المدبلجة التي قامت بعملية غسل مخ لهذا الجيل المسكين فحبس نفسه داخلها يتنزه ضمن فضاءاتها الخيالية يبحث عن رومانسية تافهة او شخصيات خلابة بملابسها الجذابة واجوائها الخلابة ، تعيس هذا الجيل الذي لم يعرف معنى القيم الحقيقية للبطولة والقوة والحب والتفوق ، فقد حجبوا عنه كل مايمكن ان يوقظ لديه هذا الاحساس وتركوه غارقا في الوهم الكاذب المدمر ، جيل اصبحت جل احلامه ان يصبح نجما بمعنى النجومية الاعلامية التي يروجون لها : مغنيا ، ممثلا، شيفا، لامعا ، براقا ، وحجبوا عنه كيف يفكر ، نبشوا من تاريخه كل ما يمكن ان يجعله يهرب بعيدا عنه ، تعيس هذا الجيل ونحن تعساء بتعاسته ، والاتعس ان نتحدث عن هذه التعاسة

مازلت انبش في ذاكرتي علني اعرف عم اكتب ، فهواجسي تجرني الى داخل صندوق مغلق ، واصابعي تتسمر عالكيبورد تشتاق الى قلم وورقة بيضاء اشم فيها رائحة زمن جميل مضى مازال يعيش في وجداني ، نعم مازلت اهذي زمازالت الكهرباء تتسكع ، وبطارية الحاسوب بدأت بالصراخ ، كل فكرة تجر الى اعاقة ، وكل اعاقة وانتم بالف خير ، سااااااامحوني

Nobles News