خلافاً لكل السوريين الذين أمضوا عيد الفطر إما في منازلهم وإما عند عائلاتهم وأقاربهم، اصطحب الرئيس بشار الأسد عائلته لزيارة عدد من جرحى الجيش والقوات المسلحة في ريف حمص وعدد من عوائل الشهداء بشكل متلازم حيث اطلع على أحوالهم وأمضى ساعات برفقتهم ورفقة عائلاتهم مستمداً منهم المعنويات العالية ومدهم بمزيد منها تجاه مستقبل سورية الذي لا خيار فيه أمام السوريين إلا النصر وإعادة البناء والإنتاج وهزيمة مشروع تدمير الهوية السورية وسورية عموماً.
وأراد الرئيس الأسد في زياراته للمنازل والمشاريع التي أقيمت برعاية مشروع «جريح الوطن» الذي أطلقته الرئاسة عام ٢٠١٤ ليحتضن كل الجرحى وخاصة الأكثر احتياجاً بما يليق بتضحياتهم، أراد أن يطلع عن قرب على أحوال من زارهم وعائلاتهم وتمضية بعض الوقت مع كل واحد منهم ليستمع منه إلى حالته واحتياجاته، فكان المسؤول السوري الأكثر قرباً من شعبه وخاصة تجاه هؤلاء النبلاء الذين قدموا أغلى ما لديهم من أجل سورية والسوريين.
كثر من حاول «تشويه» صورة الرئيس الأسد وأنفق مئات الملايين من الدولارات على «شيطنة» هذه الشخصية وإظهاره على أنه يعيش في برج عال أو على متن بارجة روسية و«منفصل عن الواقع» ولا يعرف حقيقة ما يجري في سورية وما يتعرض إليه السوريون، لكن في الأمس أثبت الرئيس الأسد مجدداً أنه الأقرب إلى الواقع السوري المؤلم في بعض حالاته وأنه الأكثر دراية بما تعرض ويتعرض إليه السوريون، فهو إضافة إلى زياراته الميدانية التي وعلى الرغم من المخاطرة الكبيرة التي كان يمكن للسيد الرئيس تجنبها، يستقبل هو والسيدة عقيلته يومياً العشرات من السوريين ويستمع إلى مشكلاتهم وهمومهم، ويحاول قدر الإمكان المساعدة في التخفيف من الهموم والآلام ومشاركة السوريين مصائبهم وجراحهم والاطلاع على أحوالهم وأحوال قراهم ومدنهم، وهو الأقرب للسوريين من كل المسؤولين، والأقرب إلى الواقع من كل من الساسة الأوروبيين والأميركيين الذين ادعوا لسنوات أن الرئيس «منفصل» عن واقع بلاده.
واللافت أيضاً اصطحاب الرئيس الأسد لعائلته في زياراته، فلهذه اللفتة معان كثيرة وربما هي أنسب رد على كل أسئلة الصحفيين الذين في كل لقاءاتهم مع الرئيس الأسد كان سؤالهم الوحيد: ماذا تخبر أبناءك تجاه ما يجري في سورية؟ فكان جواب الرئيس الأسد في الأمس أنه لا يخبرهم بل يصطحبهم ليروا بأم عينهم ما يجري في سورية وليلامسوا جراح السوريين بأنفسهم وليتعلموا روح التضحية والبطولة وكرم السوريين تجاه وطنهم، فهم يقدمون الغالي والرخيص في سبيل بقاء سورية.
وبما أن الصور تعبر أكثر من الكلام تجاه كيف أمضى السيد الرئيس والمواطن والإنسان فترة العيد، وكذلك الحوارات التي دارت بينه وبين الجرحى وعائلاتهم وكيف كل من التقاهم أكدوا استعدادهم لمزيد من التضحية من أجل بقاء سورية ونصرها، حفاظاً على هويتنا وحضارتنا وتاريخنا، ولعل العبارة الأجمل في كل تلك اللقطات التي بثت هي حين يقول السيد الرئيس للجرحى: «نحن نستمد المعنويات والعزيمة منكم» وهذه أصدق عبارة يمكن أن نسمعها نحن السوريين لأننا من دون تضحيات أبطال سورية ما كنّا موجودين وما صمدت سورية. فهنيئاً لسورية بقائدها وأبطالها، فمنهما نستمد نحن المعنويات ونثق أن النصر بات قريباً وحتمياً وهذا أقل ما يمكن أن ننجزه إجلالاً وإكراماً لروح الذين غادرونا شهداء ولنصرة جرحانا.
يذكر أن الرئاسة السورية كانت قد أطلقت عام ٢٠١٤ مشروع «جريح الوطن» ليحتضن كل الجرحى وخاصة الأكثر حاجة ليوفر لهم كل احتياجاتهم من الرعاية الطبية الدائمة إلى العمليات الجراحية المطلوبة وصولاً إلى مشروع إنتاجي يضمن للجريح ولعائلته حياة كريمة.
وسيبدأ المشروع قريباً باستخدام أحدث الأجهزة الطبية عالمياً المتخصصة بتركيب الأطراف التي تتعامل مع كل جريح على حدة وحسب إصابته وحالته ليكون الطرف المنوي تركيبه ملائماً تماماً لحالة الجريح وحالته الصحية ما يتيح له التعويض قدر الإمكان عن إصابته الجسدية واستئناف حياته بكرامة والإنتاج في حال تمكن من ذلك.
وتأتي أهمية المشروع لكونه يهتم أولاً بإعادة بناء الإنسان السوري الذي أصيب ولكونه يعالج كل حالة على حدة، من الأكثر حرجاً إلى الأقل مع الاستمرار بتأمين كل متطلبات الجريح كل حسب إصابته، من مواءمة المنازل إلى الرعاية الطبية والنفسية الكاملة والدواء والعلاج إلى استلامه مستحقاته كافة وصولاً إلى المشروع الإنتاجي.
وتمكن المشروع حتى الآن من الاهتمام ومعالجة ١٠٠٪ من الجرحى المصنفين بإصابات تفوق ٨٠٪ وفق وزارة الدفاع وبدأ بدراسة الحالات الأقل سوءاً نسبياً، كما سيبدأ قريباً بالاهتمام بحالات القوات الرديفة.
الوطن