مع انتصاف شهر رمضان المبارك، ووصول المسلسلات الدرامية إلى الحلقة الخامسة عشرة، أصبح بالإمكان الفرز والتحليل والتقاط الأخطاء والسلبيات ورصد الإيجابيات بأريحية بعدما اتضحت الصورة بشكل شبه كلي.
الأعمال الجيدة بدأت تفرض نفسها، والمشاهد العادي بات يتقمص شخصية الناقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي منحت مسلسل «الندم» المركز الأول من دون منازع، وإلى التفاصيل:
حديث الناس
منذ عرض حلقاته الأولى، أصبح مسلسل «الندم» حديث الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي محققاً الأغلبية الساحقة من الإعجابات والآراء الإيجابية بثنائية المبدعين الليث حجو وحسن سامي يوسف.
العمل الاجتماعي يعبّر عن الثراء من دون تكلف، وعن الحب من دون نفاق، وينقل المشاهد إلى جو الأسرة الحميمي، ويجسد مدى الصداقة الجميلة.
يضع هذا العمل يده على الجرح بذكاء وجمال، ويدعو للدهشة حقاً، ابتداءً من النص الذي تمت حياكته بدقة عالية، وصدق بالمشاعر لا يحدث إلا وأنت أمام المرآة تحدث نفسك، ومروراً بالأداء العالي لنجومه المخضرمين والشباب، وليس انتهاءً بالمخرج الذي عادة ما يبتدع طرقاً جديدة لجذب المشاهد ليجبرك على الغرق في حكايته وكأنك أحد أبطالها.
يعتبر المسلسل بمنزلة منبر لكاتب يروي قصة حياته موزعة بين زمنين مختلفين، الأول ينطلق عام 2003، والثاني يعايش الحياة الراهنة في دمشق 2016.
يروي «عروة» قصة والده تاجر اللحوم بطريقة «الفلاش باك»، في حين يعود الحدث إلى حياة هذا الكاتب الآنية، ليرصد مصائر عائلته والأخ الأكبر الذي تحول إلى حوت يستفرد بأملاك العائلة ويعتبر أن هذا حقه المشروع.
كما يجول شوارع دمشق، ويلتقط مشاهد الحياة اليومية في مدينة أرهقت الحرب أهلها، يوميات تتراوح بين الأبيض والأسود.
على الجانب الآخر، ورغم أنه يحتل الصدارة كنسبة قبول من النقاد والمتابعين، إلا أنه لم يسلم أيضاً من البعض، فاعتبرت إحدى الصفحات أنه يعيد حكاية «شجرة النارنج» الذي عرض قبل 26 عاماً ما اضطر الكاتب للرد، فأوضح: «لن أنكر وجود علاقة بين المسلسلين بما فيها حكاية سهيل، أنا أعدكم أنه ما رح تشوفوا شيء في مسلسل «الندم»، لا في أخ رح يستشهد بفلسطين ولا غير فلسطين، ولا البنت رح تهرب مع حدا، ولا الأخ الصغير «عروة» رح يموت، ولا الأخ الكبير «عبدو» رح يسرق العيلة. ولا في جيل تاني ولا صراع حول إرث… مع هيك لم أنكر العلاقة بين المسلسلين».
وتابع: «بعد حكاية سهيل، يللي هي وحدة من موضوعاتي المفضلة عموماً، «عودة الابن الضال» ممكن اختصار العلاقة بين العملين ببعض التفصيلات التي تعمّدت أن أنقلها بشكل حرفي أحياناً، لأنه عندي رغبة بأن أقدّم تحية لمسلسل انعرض قبل 26 سنة، ونال إعجاب أبناء ذلك الجيل. وما بعتقد أنه هالشي غلط وإن كان هالاعتقاد خاطئ فأنا أعتذر عنه».
من ناحية ثانية، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي آراء الجمهور حول الثنائي الشاب محمود نصر ودانا مارديني، حيث أجمعت نسبة كبيرة من متابعي العمل على أدائهما العالي الذي يحمل كثيراً من الصدق والعفوية، ويلامس بشكل واقعي قصص الحب التي نعيشها، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يلعبا فيها دور الثنائي العاشق، فقد سبق وأدياه في فيلم «رسائل الكرز» من إخراج النجمة سلاف فواخرجي التي أبدت إعجابها بأدائهما فنشرت صورة مشتركة لهما وعلقت: «فرحانة فيكم وبنجاحكم».
وأيضاً، كان العمل محط إعجاب عدد من النجوم، أولهم شكران مرتجى التي اعتبرت في أحد تعليقاتها على الفيسبوك «الندم» كواحد من الأعمال التي تستحق المشاهدة. كما وجه المخرج أحمد إبراهيم أحمد تحية إلى «المبدع الصديق الليث حجو وإلى فريق مسلسله على هذه الرائعة».
ويؤدي أدوار البطولة: سلوم حداد، وسمر سامي، وباسم ياخور، ومحمود نصر، وأحمد الأحمد، ودانا مارديني، وأيمن عبد السلام، ورنا كرم، وجيانا عنيد، ولوريس قزق، وجرجس جبارة، ومرام علي، وأيمن رضا، ومصطفى المصطفى، وكفاح الخوص، وجفرا يونس.
الكوميديا تصارع
قلنا سابقاً إن الكوميديا السورية مطالبة قبل أي وقت مضى بإعادة ترتيب أوراقها ورسم صورة ناصعة بيضاء بعد سقوطها لعدة مواسم.
«بقعة ضوء» استمر للجزء الثاني عشر تحت إدارة المخرج سيف الشيخ نجيب الذي أنجز العمل للعام الثاني للتوالي، إلى جانب عدد من النجوم منهم: أيمن رضا، وباسم ياخور، ، ورنا شميس، وأحمد الأحمد، وصفاء سلطان، وميسون أبو أسعد، وفايز قزق، وعبد المنعم عمايري، ووفاء موصللي، وآخرين.
بعض اللوحات ارتقت إلى المستوى المأمول وذكرتنا بالأجزاء الأولى، منها لوحة «أم سعيد الرز» التي كانت ومازالت حديث الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
العمل الذي انطلق قبل 15 عاماً، مازال واجهة الكوميديا السورية، وقد أحدث تغييراً في خريطة الكوميديا العربية كلها لاعتماده على البطولة الجماعية، والتغيير الدائم في الشخصيات والقضايا وطرحها، وكان لتعدد كتّابه أثر كبير في نجاحه، ولاسيما في معالجة القضايا الاجتماعية، والتطرق لبعض تفاصيل الأزمة السورية بطرح كوميدي لافت.
أما أهم ما عاب هذا العمل فهو الثرثرة الزائدة التي تقحم نفسها في غير موقعها في حوار الشخصيات، إضافة إلى اللوحات المكررة التي تحمل الأفكار ذاتها.
على المقلب الآخر، وضع النجم عبد المنعم عمايري نفسه في موقف لا يحسد عليه بتجسيده دور البطولة في مسلسل «سليمو وحريمو» (تأليف وإخراج فادي غازي).
الفنان الذي أذهل الجمهور العربي في برنامج «شكلك مش غريب»، فاجأنا هذا العام بدور لا يتناسب مع قامته الفنية التي تمتد لأكثر من 20 عاماً من الخبرة والتجربة، ليؤدي شخصية سطحية، لرجل يبحث عن زوجة يتطابق برجها مع برجه، ونتابع في كل حلقة محاولة جديدة لـ«سليمو» في البحث عن نصفه الآخر ضمن سلسلة من تهريج فارغ لا قيمة له.
حضوره الشاحب يدفعنا للتساؤل: لماذا قبل بأدوار أقل من قامته وموهبته وحسه التمثيلي الذي ترك بصمته في خريطة التمثيل السوري والعربي؟ وخاصة أن نجوميته وتاريخه لا يسمحان له بهذا الظهور.
وإلى جانب عمايري أدى بعض الأدوار كل من: غادة بشور، ودانا جبر، وجيني إسبر، وسوزان سكاف، وعبير شمس الدين، وجمال العلي، وهنوف خربوطلي، ومحمد خير الجراح، وهدى شعراوي، وريم معروف، وعهد ديب، وليلى سمور.
انتقادات لاذعة
ككل عام، يثير المسلسل الشامي الشهير «باب الحارة» جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية والشعبية، لذا لم يشذ هذا العام عن القاعدة وفجر انتقادات لاذعة لم توفر المنتج والمخرج وحتى الممثلين.
لعل أهم ما أثير هو مؤدي شخصية «العكيد معتز» في الجزء الثامن، بعدما أداها وائل شرف عبر سبعة أجزاء، فلم يكن الفنان الشاب مصطفى سعد الدين موفقاً في أول مشاركة له في أعمال البيئة الشامية.
وأطلق مغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ (سكروا هالباب وخلصونا)، للمطالبة بإيقاف تصوير أي جزء جديد، ولتسليط الضوء على الأخطاء التي رافقت المسلسل.
واتسم العمل هذا العام بكثرة الاستبدالات المستسهلة التي طالت كثيراً من الممثلين، إضافة إلى جنوح هويته نحو الكوميديا على حساب الأنماط الدرامية الأخرى، مع اقتراف أحداث مكررة وأخطاء تاريخية جديدة سنرصدها في مادة مطولة خلال الأعداد القادمة.
واستمر النجم عباس النوري بشخصية «أبو عصام» إلى جانب عدد من النجوم الذين حافظوا على مكانهم مثل: صباح الجزائري، وميلاد يوسف، وشكران مرتجى، ووفاء موصللي، ومحمد خير الجراح.