تواصلت أمس محادثات جنيف لليوم الثاني على التوالي على الرغم من تأجيل «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة مشاركتها في هذه المحادثات غير المباشرة، على حين طالب الائتلاف المعارض الممثل في «العليا للمفاوضات» بمزيد من الدعم العسكري لإشعال الجبهات، واعتبر أن الحل يجب أن يكون «سياسياً – عسكرياً».
وعقد الوفد الحكومي الرسمي أمس جلسة محادثات مع نائب المبعوث الأممي الخاص إلى سورية رمزي عز الدين رمزي بمقر الأمم المتحدة في جنيف.
وأوضح رئيس الوفد بشار الجعفري في مؤتمر صحفي عقب الجلسة أنه جرى الحديث بشكل رئيسي عن التعديلات التي قدمناها على ورقة المبعوث الخاص لاسيما تلك التعديلات المتعلقة بتشكيل حكومة وحدة موسعة وضرورة الضغط على دول الجوار لتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب لاسيما القرار 2253.
وأضاف: «حثثنا مجدداً نائب المبعوث الخاص على ضرورة التحرك الفوري على مستوى الأمم المتحدة كأمانة عامة وكمجلس أمن لمساءلة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على انتهاكه لأحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالجولان السوري المحتل واتخاذ الإجراء الرادع اللازم تجاه ذلك».
وأوضح الجعفري، أن عز الدين أكد أن الأمم المتحدة تعتبر المحادثات مستمرة رغم انسحاب وفد «معارضة الرياض».
وأضاف: «إن التوتر والتطرف اللذين ظهر بهما أحدهم بالأمس إنما يدل على توتر من قبل من يقف خلفه وهو توتر نتفهمه بطبيعة الحال لأنه طبيعي جداً في مثل هكذا حالات.. هذا التوتر والتطرف غير المسؤولين هو نتيجة طبيعية لموقف الشعب السوري الداعم لدولته والمتمسك باستحقاقات دستوره وهو طبيعي أيضاً بعد إنجازات الجيش العربي السوري المهمة على أرض الواقع داخل الأراضي السورية مثل تحرير مدينة تدمر التاريخية وبلدة القريتين من براثن إرهاب داعش».
وتابع: «بعد تراجع حلفاء وفد السعودية من الإرهابيين لذلك كان طبيعياً ما شهدناه بالأمس من تشنج وعصبية وتطرف ومشهد مسرحي يذكرنا بمسرح العبث وهذا التوتر يعكس حالة الجهات التي يعمل لديها هؤلاء فهم أتباع إلى درجة أنه إذا انهارت هذه الجهات فإنهم يعكسون فوراً هذا الانهيار وإذا غادروا المحادثات فإنها لا تخسر شيئاً لأنهم أصلاً لا يمثلون الشعب السوري بل على العكس تماماً ربما بذهابهم تزال عقبة كبيرة ونصل ربما إلى حل لأن هؤلاء هم مزيج من المتطرفين والإرهابيين والمرتزقة لآل سعود».
ولفت الجعفري إلى «أن آل سعود وأردوغان لم يكونوا يريدون أساساً الحضور بمرتزقتهم إلى جنيف لأنهم أصلاً ضد أي حل سياسي لكن جنيف فرض عليهم فرضا وبدورهم فرضوا على أتباعهم ومرتزقتهم المشاركة من دون قناعة سياسية بذلك».
وأشار إلى أنه ما من فصيل لديه حق «الفيتو» على مصادرة عملية الحوار السوري السوري في محادثات جنيف لافتاً إلى أن من يغادر جنيف يؤكد بما لا يدع أي مجال للشك على أنه غير ناضج سياسياً وأنه لم يفهم بعد الغرض من مجيئنا إلى جنيف.
وقال: «بغض النظر عن كل ما يطرح فإن الحل السياسي هو حكومة وطنية موسعة ودستور وانتخابات برلمانية وأي مجموعة تفكر بغير ذلك هي واهمة وتعطل حوار جنيف وتضيع وقتها ووقتنا».
ورداً على أسئلة الصحفيين لفت الجعفري إلى أن بعض الأسماء من وفد «معارضة الرياض» وجهوا أتباعهم منذ يوم الاثنين عبر تصريحات رسمية مسجلة الصوت والصورة لـ«كسر الهدنة».
وقال: «إنهم في الأساس وبتعليمات من مشغليهم من آل سعود وآل أردوغان جاؤوا إلى جنيف لتقويض المحادثات.. فهم لا يؤمنون بالحل السياسي أساساً».
وعن الحكومة الوطنية الموسعة أوضح الجعفري أنه يجب على من يشارك في هذه الحكومة أن يكون نابذا للإرهاب ومعارضاً وطنياً لا يعمل لصالح أجندة خارجية ولا يقبل أن يستخدم من قبل سلطة أجنبية. وقال: «إن الحكومة التي نحن بصدد الحديث عنها ستضم ممثلين عن الحكومة الحالية وممثلين عن المعارضة التي تنطبق عليها الشروط التي ذكرتها وفئة المستقلين وغيرها كالتكنوقراط».
ورداً على سؤال بشأن تصريحات منسق عام «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب أول أمس قال الجعفري: «لم يكن على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه بالانخراط في هذا الحوار السوري السوري في جنيف وصولاً إلى مساعدة الشعب السوري فعلاً لا قولاً على تخطي الأزمة».
وأضاف: «عندما يدعي أنه يمثل شيئاً ما في فصيل من فصائل المعارضة وتتم دعوته إلى جنيف للانخراط في مسألة جدية مثل الحوار السوري السوري عليه أن ينخرط في هذا الحوار بشكل إيجابي ومسؤول لا أن يغادر جنيف.. ففي كل جولة من هذه الجولات كان وفد السعودية يكرر نفس هذا السلوك».
وأشار الجعفري إلى أن حكومة أردوغان أغلقت معبر نصيبين وهو أحد أهم معبرين اعتمدتهما الأمم المتحدة لتمرير المساعدات الإنسانية من تركيا إلى سورية لافتا إلى أن مئات ألوف المواطنين السوريين من الحسكة والقامشلي يعانون الآن إنسانيا بسبب سوء تصرف حكومة أردوغان.
وقال: «أبلغنا اليوم نائب المبعوث الخاص بقائمة تفصيلية بالمناطق والبلدات التي تم إيصال المساعدات الإنسانية إليها بقوافل مشتركة بين الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري» لافتاً إلى أن سورية كلها تحت الحصار بسبب ما يسمى العقوبات الأوروبية والأميركية و«العربانية» المفروضة على سورية بشكل يخالف ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت الجعفري إلى أن قرار مجلس الأمن «2254» يتحدث عن المسارين السياسي والعسكري وقال: «المسار السياسي هو الذي نحن قدمنا من أجله إلى جنيف أما المسار العسكري فيعني الاستمرار في محاربة الإرهاب والقضاء عليه وإزالته من سورية بمعنى أننا لدينا الشرعية في الاستمرار بمكافحة كل المجموعات الإرهابية وبموجب قرار مجلس الأمن ينبغي على الدول كلها الأعضاء في الأمم المتحدة أن تساعد الحكومة السورية وحلفاءنا في روسيا وإيران وغيرهما على مكافحة هذا الإرهاب».
وتابع: «إن هذا ما نتوقعه من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمساعدتنا على مكافحة الإرهاب الذي إن لم يهزم في سورية فسيصل إلى أبواب موسكو والصين وواشنطن وباريس وبروكسل ومدريد وروما.. حتى الآن وصل إلى بروكسل وباريس للأسف لكنه سيصل إلى أماكن أخرى حتما إذا لم يهزم في سورية».
وبالنسبة لإعلان وفد «معارضة الرياض» أنها لا تزال بحاجة إلى دعم بالأسلحة من قبل الولايات المتحدة في حال إخفاق الحوار، قال الجعفري: «إن التنظيمات الإرهابية التي تنشط داخل سورية منذ خمس سنوات ما كان بإمكانها أن تواصل هذا الإرهاب دون دعم من الخارج».
وأشار الجعفري إلى أن معظم مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي يدخلون إلى سورية عبر الحدود المشتركة مع تركيا، مبيناً أن هذا يعني أن الحكومة التركية ضالعة في رعاية إرهاب «داعش وجبهة النصرة» وقال: «من يجلب الإرهاب العالمي إلى سورية هو الفكر الوهابي التكفيري الذي يماثل ويشابه عقيدة «داعش».
وأكد أن سورية دولة ذات سيادة ومن يرد أن يحارب الإرهاب فعليه أن ينسق مع الحكومة السورية ويأتي إلى سورية بناء على طلب الحكومة السورية.
وكان الوفد الحكومي الرسمي عقد الاثنين جلسة محادثات مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا بمقر الأمم المتحدة في جنيف.
في المقابل قال رئيس الائتلاف المعارض أنس العبدة المقيم بتركيا في مؤتمر صحفي بث عبر محطات التلفزيون: إن مباحثات جنيف «عديمة الجدوى» وإنه لا أمل في مناقشة الانتقال السياسي. وطالب العبدة «بدعم كمي» للجماعات المسلحة وقال: إن الحل يجب أن يكون «سياسياً – عسكرياً».