اللغة وعاء الامة

لبنى الجابي

من المؤسف حقا ان عدد الأميين في العالم العربي يفوق الـ (100) مليون, يعني ثلث العرب لا يستطيعون القراءة والكتابة  ، ومقدار ما يقرؤه العربي (الذي ينتمي إلى أمة "اقرأ")في السنة الواحدة لا يتجاوز ربع صفحة! بينما عدد الكتب التي يقرأها المواطن الأمريكي في السنة (11) كتابا, والأوروبي (7) كتب

ولذلك لن نفاجأ اذا علمنا بان الحصيلة الشهرية من الرسائل الخلوية SMS التي تظهر على الشريط الموجود أسفل الشاشة في القنوات الفضائية العربية الهابطة تقارب (8) ملايين دولار!  وتكلفة إنتاج الفيديو كليبات الخاصة بأغاني التعري والفن الهابط في العالم العربي تقارب (16) مليار دولار سنويا!  بينما مجموع ما تنفقه الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي هو (1.7) مليار دولار سنويا, أي ما نسبته (0.3%) فقط من الناتج القومي الإجمالي.   و (للمقارنة: في فرنسا 2.7%, السويد 9,2 % ، اليابان 3% (أي 10 أضعاف ما تنفقه الدول العربية مجتمعة), وفي إسرائيل 4.7%  حسب إحصائيات اليونسكو لسنة 2004!! 

ان هذه الارقام تترجم مايحصل في الوطن العربي حاليا من فوضى وحروب طائفية واقتتال ، تترجم البؤس النفسي الذي يعيشه هذا الجيل الذي انغمس بمواقع التواصل الاجتماعي والقى فيه كل ما يحمله في داخله من غضب ويأس ونفور من امته التي خذلته وصارت كلمة العربي تعني بالنسبة له القهر والذل والتبعية والجهل ، فلا عجب الا يجد باحثونا اللذين ضيعوا عمرهم في تصحيح ما خربه المستشرقون الغربيون في تاريخنا العربي ،الا يجدوا اذانا صاغية او تقبلا من هذا الجيل ،

كلما جرى بيني وبين احد من هذا الجيل حديثا حول الاصول العربية لتاريخ الامم كافة اجد ابتسامة السخرية ترتسم على وجهه لابل  عند جيلي ايضا ، (كفاكم لقد شبعنا هذا الهراء ان العرب في التاريخ قمامة ………) هذه الاجابات صارت هي الشائعة حاليا بعد كل هذا الاحباط  الذي نعيشه  ، هل نسميها ردة فعل؟؟

يجتهد كثير من باحثونا العرب في اعادة رؤية ودراسة تاريخ منطقتنا العربية والتي تعتبر منطقة نشوء الانسان العاقل الاول حسب كافة الدراسات الاثارية في العالم ، هذا الانسان الذي حمل الحضارة والتمدن الى كل انحاء العالم ، يجتهد هؤلاء الباحثون في تصحيح ما صدره لنا الباحثون الغربيون اللذين تدفق آثاريّهم الى الشرق باحثين عن مدن التوراة ،فانتهى بهم المطاف بكتابة تاريخ مختلف لمنطقتنا ، وقسموا شعبنا العربي الى مسميات عديدة تبعا لحقبة السلالة الحاكمة او لصفات معينة كانت طافية ( بابليين ،اشوريين، كلدانيين ، فينيقيين ……..الخ) ولغوا كلمة العربي تماما كما غيبوها في العهود الاسلامية ( امويين ، عباسيين ، فاطميين …….الخ) وليس الامر مقتصرأ  على الباحثين العرب بل هناك الكثير من الباحثين الغربيين الحياديين وغير الخاضعين للاجندات السياسية والعنصرية ممن كتبوا ونوهوا الى فضل الشعب العربي على كل الامم .

ان اللغة وجدت مع الانسان العاقل الاول منذ ان بدأ العيش بجماعة فهي تحمل هواجسه وابداعاته وثقافته وكل طموحاته فهي بالتالي تحدد الهوية القومية لهذه الحضارة او تلك ، وهناك فرق بين الللغة والكتابة ، فقد ظل الانسان العاقل يتكلم اللغة عشرات الالاف من السنين قبل ان ينتقل الى تصويرها فالكتابة هي تصوير هذه اللغة المحكية وقد يخترع الانسان عدة اشكال لتصوير اللغة ولكنها تبقى كتابات وليست لغات وهذا ماوقع به المستشرقون الغربيون حين دراستهم لتاريخنا فكلما وجدوا كتابة لهذه اللغة تحدثوا عن لغة جديدة وهذا خطأ فادح وقع به الناقلون العرب اللذين نقلوا عن المستشرقين ، فاللغة تبقى واحدة ولكن الكتابة قد تتعدد لهذه اللغة ففي العصر الحديث مثلا اللغة التركية كانت تكتب بالحرف العربي ثم نقلها اتاتورك للحرف اللاتيني ولكنها بقيت لغة تركية ولم تتغير . وعندما نجد اللغة في منطقة معينة نستطيع ان نحدد هويتها القومية ، ومن اجل هذه النقطة بالذات اتطرق لمسألة اللغة ، فعندما نجد بان الرقم 7 يقرأ بالعربية سَبْعٌوبالاشوري والبابلي تقرأ سِبو ، وبالارامي تقرأ شْبَعْ  وبلغات جنوب الجزيرة العربية والحبشة تقرأ شَبْعو …… وهناك الاف الامثلة المشابهة هذا يقودنا الى ان اللغة واحدة وتغير لفظها حسب المنطقة كما تتغير اللهجات حاليا بين المحافظات في بلد واحد بل بين حي واخر وكذلك بين بلد عربي واخر ، ولفت نظري برنامج مهم جدا لنينورتا داوود واسمه" اسماؤنا سر العالم المكنون" هذا المعنى لكلمة ارستو قراط والتي نستخدمها ككلمة اجنبية تعني طبقة اجتماعية عالية او طبقة الاقطاعيين : فحسب ما ذكرتْ : " رستاق بالعربية والسريانية او العربية القديمة هي القرى او المقاطعات خول المدينة واللذين يملكون هذه القرى او المقاطعات او ملاكها يدعون بالسريانية رستاق قريطو اي ملاك الرستاق فكلمة قريطو بالسريانية تعني كتب او سجل ..فرستاق قريطو اصبحت اريسطوقراط"

لست هنا بمعرض الاتيان بامثلة اكثر فمن اراد الاستيضاح فان الدكتور احمد داوود له فضل كبير في هذا المجال وهناك باحثين كثر يسيرون على نفس النهج في البحث والاستقصاء وازالة الغبار عن تاريخنا المشرف ليس لنرفع رؤوسنا ونفتخر فقط ، بل لنفهم التاريخ على حقيقته ونقرأه بشكل صحيح و نصحوا من غفلتنا التي وضعونا بها كي يستطيعوا استنزافنا واستنزاف بلادنا ، باي طريقة يرونها مناسبة ولااكثر من هذه الطرق وفهمكم كفاية

  

 

 

Nobles News