مع وصول البرنامج إلى نهايته، نجح الموسم الأول من النسخة العربية لبرنامج «ذا فويس كيدز» في إحداث الضجة المعتادة لبرامج اكتشاف المواهب الغنائية.
وحطّم البرنامج نسب مشاهدة عالية، وحصد الأطفال المشاركون اهتماماً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحملت كل حلقة مفاجأة من خلال أصوات المشاركين المبهرة، لذلك ليس مستغرباً أن يحقّق البرنامج هذه النسب، وخاصة أن حلقة بعد أخرى، ينبَهر فيها المدرّبون الثلاثة كاظم الساهر، ونانسي عجرم، وتامر حسني، بالمواهب الصغيرة، لكنّهم يجدون أنفسهم أمام موقف صعب ومحرج، عند غربلة المشتركين الذين لم يحالفهم الحظّ، يعودون إلى الكواليس باكين بمرارة.
ولعل أهم ما ميز الموسم الأول كمّ المواهب الجيدة التي احتواها البرنامج وأوقعت محكميه في مواقف لا يحسدون عليها، بعد الهجوم الكبير الذي تعرض له الثلاثي إثر رفضهم لعدد من الأصوات التي رآها الكثير من متابعي البرنامج أنها مواهب واعدة للغاية.
زمن الحرب
الطفل في هذا العمر مازال لديه متسع من الوقت للنجاح والفشل، كما لا تزال جعبته مليئة بالكثير من الفرص والتحديات.
ولكن المؤسف أن هذا الجيل من أطفالنا قد نشأ في زمنٍ يضجّ بالحروب والمآسي ومتابعة مشاهد القتل والدماء، لذا كان على عاتقهم تعويضهم عبر فتح بابٍ من الأمل المشرق أمامهم، ما يتيح لهم التفكير بالمستقبل بنظرة إيجابية مبنية على الطموح والعمل والتنافس والنجاح، فالأجيال القادمة تحتاج إلى أمل بمستقبل مشرق، وهو ما نتمنى أن يمنحه البرنامج للمشتركين والمشاهدين على حدٍّ سواء.
وكشف البرنامج عن وجود طاقات كبيرة، ومواهب خارقة في هذه السن، ما يعني أن أبناءنا في جميع البلدان العربية لديهم مواهب كبيرة، لكن عادة فإن بعض المواهب تكون متوهّجة خلال فترة عرض البرامج، وبعد انتهاء العرض لا تلبث أن تخبو، لذا يجب منح فرصة أكبر لدعم مسيرة نجاح تلك المواهب وتمكينها عبر تثبيتها وإرشادها إلى بداية الطريق والعمل على استمرار نجاحها.
التنافس
بالحديث عن فكرة البرنامج الأساسية؛ وهي «التنافس» على الفوز باللقب، فهي فكرة تبدو في ظاهرها محفزة ليطوّر الطفل موهبته، ويعطي أفضل ما عنده، وينمّي قدراته، ليكون مستحقاً للفوز برضا الحكام (المثل العليا في البرنامج) والجمهور المتفرج، الذي يضم الأقارب والأصدقاء والزملاء والمحيط المباشر للطفل.
إلا أن هدف «التنافس» بالشكل الذي يعرضه البرنامج لا يتحقق، بعد أثبتت الدراسات أن التنافس، ومقارنة الشخص بغيره، لا يخدم العملية التعليمية، فالتنافس الصحي هو التنافس بين الطفل ونفسه لقياس تطوره بين نقاط زمنية مختلفة، أي إن المهم في التنافس هو التغذية الراجعة والملاحظات التي تقدم للطفل ليطور قدراته، وليس مقارنته بالآخرين.
المنافسة أمر صحي لأطفالنا عندما تُؤخذ بمنظورها الصحيح وحجمها المعقول، المنافسة الصحية التي تكون بوجود بيئة داعمة، تحفز الأطفال على تقديم أفضل ما عندهم، وعلى تقبل الخسارة من دون فقدان الثقة بأنفسهم.
لكن عندما تكون المنافسة غير صحية، وتحمّل الطفل ما لا طاقة له به، وتجعله يتنافس لا من أجل تطوير موهبته إنما من أجل نيل إعجاب الجمهور، فإن أضرارها على نفسية الطفل أكثر بكثير من منافعها، ولاسيما عندما تكون بهذه التغطية الإعلامية الهائلة.
الجانب النفسي
سينتهي البرنامج بعد أن ترك وراءه عشرات الأطفال مكسوري الخاطر يحاولون التأقلم نفسياً مع خسارتهم، وفائز واحد فقط سيكبر قبل أوانه ليواجه واقعاً جديداً لم يكن بالضرورة هو من اختاره.
فائزاً كان أم خاسراً، يقف الطفل أمام تجربة أكبر من أن يدركها، وتحمل أثراً أعمق مما يمكن لنا أن نتصوره نحن الكبار؛ وذلك نظراً لعدم اكتمال تطور شخصيته بجميع مكوناتها العاطفية والنفسية، ووجوده في مرحلة تكوين تصوراته الذهنية ومفاهيمه عن العالم والمحيط بناءً على تجربته الخاصة خلال هذه الفترة.
بينما يدهش المشاهد العادي من المواهب الاستثنائية والذوق الراقي غير المتوقع من الأطفال المشاركين، تترك الحلقة المشاهدين من المتخصصين النفسيين أمام عشرات التساؤلات حول أبعاد التجربة وآثارها النفسية العميقة والسلبية على الطفل وتكوينه النفسي، على الرغم من عدم وجود دراسات علمية بعد عن أثر هذا النوع من المنافسات التي يخوضها الأطفال.
لكن تجربة الطفل في برنامج يشاهده ملايين الناس أسبوعياً في شتى أنحاء العالم تعد عبئاً كبيراً، ومسؤولية لا يتوقع من طفل يتراوح عمره بين 7-15 أن يكون قادراً على حملها، لكن قرار الاشتراك في البرنامج من البداية يعود للأهل، ويخدم رغباتهم وليس بالضرورة أن يخدم الطفل نفسه.
حتى وإن اعتبرنا أن الطفل موافق ويرغب في المشاركة فلا يمكن أن نحمّل هذه الموافقة أي معنى؛ نظراً لأن الطفل لا يملك القدرة ولا الإمكانية لتقييم التجربة وأبعادها بشكل عقلاني قبل اتخاذ قرار القبول أو الرفض، فالطفل في هذه المرحلة العمرية يكون أشبه بالمجبر من دون أن يعي؛ نظراً لرغبته الدائمة في كسب رضا أهله والتصرف وفق توقعاتهم.
حيلة تسويقية
ذكر عدد من المصادر الإعلامية أن عدداً كبيراً من نجوم الطرب في العالم العربي يفكرون حالياً وبجدية في الاستعانة بعدد من مواهب هذا البرنامج في حفلاتهم الغنائية المقبلة.
فهل هذا التفكير نابع من كونهم يريدون مساعدتهم في إيصال موهبتهم إلى العالم العربي؟ أم هي حيلة تسويقية جديدة حيث شاهد أغلبيتهم تأثيرها في حفلات أقرانهم وما يتبعه من اهتمام إعلامي وجماهيري بمشاركة هؤلاء الأطفال في تلك الحفلات؟.
اللقب لبناني
فازت اللبنانية لين الحايك بلقب برامج المواهب «ذا فويس كيدز» بموسمه الأول بعد منافسة قوية جداً مع السوريين أمير عموري، وزين عبيد بعد وصول الثلاثة إلى المرحلة الختامية. حيث تألق الاثنان بأداء أكثر من لون غنائي خلال حلقات البرنامج كاملة.
الوطن