كشف مصدر سعودي لبي بي سي عن أن الهبة الضخمة التي قدمتها العائلة المالكة السعودية لرئيس وزراء ماليزيا نجيب رزاق كانت بهدف "مساعدته للفوز بانتخابات عام 2013."
وكان النائب العام الماليزي قد أعلن تحويل "هبة" قيمتها 681 مليون دولار أمريكي إلى حساب رزاق الشخصي من العائلة المالكة السعودية.
وبرأ النائب العام رئيس الوزراء من شبهات فساد تتعلق بهذه الهبة، واعتبرها مسألة شخصية بين السعوديين ورزاق.
وقال المصدر السعودي إن الهبة قدمت في سباق قلق ساور السعودية من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في ماليزيا.
وفي موسم الانتخابات عام 2013 في ماليزيا، ضم تحالف المعارضة الحزب الإسلامي لعموم ماليزيا. وقد استلهم مؤسسو الحزب فكر الأخوان المسلمين، رغم أنه لم تكن هناك سوي دلائل قليلة على أن الجماعة تتمتع بتأييد كبير في ماليزيا.
وقد فاز التحالف بقيادة رزاق في الانتخابات. غير أن النتائج عكست واحدة من أسوأ النتائج التي يحققها الحزب خلال أكثر من 50 عاما في السلطة.
ويقال إن الهبة السرية السعودية لرزاق قد دفعت عبر تحويلات على دفعات بين أواخر شهر مارس/آذار عام 2013 وأوائل أبريل/نيسان من العام نفسه، قبيل الانتخابات التي أجريت في الخامس من مايو/آيار 2013.
وقال المصدر المطلع، الذي طلب عدم كشف اسمه، لبي بي سي إن دفع الهبة صُدق عليه من جانب الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز. وأكد المصدر أن الأموال دُفعت من حساب الملك الشخصي وخزينة الدولة السعودية.
وتقول تقارير إن الأمير تركي بن عبد الله، أحد أبناء الملك الراحل، له تعاملات تجارية واقتصادية واسعة في ماليزيا.
وحسب المصدر، كان غرض الهبة بسيط وهو مساعدة رزاق وتحالفه على الفوز في الانتخابات، عن طريق توظيف فريق اتصالات استراتيجي له خبرة دولية، والتركيز على مقاطعة ساراواك، وتمويل برنامج اجتماعية عبر حملات حزبية.
وردا على سؤال عن سبب اهتمام السعوديين بانتخابات في دولة غير عربية تبعد عن بلادهم بأكثر من 6 آلاف كيلومتر، قال المصدر إنه القلق من القوة الصاعدة للإخوان المسلمين، التي تعتبرهم السعودية تنظيما إرهابيا.
كان السعوديون قد أصيبوا بخيبة أمل بالفعل بسبب الأوضاع في مصر، التي كان الرئيس محمد مرسي ، المعزول الآن، مشغولا بتقوية قبضة الإخوان المسلمين فيها.
وبعد شهور قليلة من الانتخابات الماليزية، أي في الثالث من يوليو/تموز 2013، خلع الجيش المصري الرئيس مرسي، أحد قادة الإخوان. وساور السعوديين قلق من دور الأخوان في حركة المعارضة الرافضة لعزل مرسي، وكذلك من دعم قطر للأخوان وغيرهم من الجماعات الإسلامية في الشرق الأوسط.
وأشار المصدر السعودي إلى أن مثل هذه الهبات الشخصية التي تقدمها العائلة المالكة السعودية أمر معتاد. وقال إن الاردن والمغرب ومصر والسودان حصلوا على هبات بمئات الملايين من الدولارات من جيب العائلة المالكة السعودية.
وأضاف المصدر "لا شئ غير معتاد في هذه الهبة إلى ماليزيا"، وتابع "هذا الأمر شبيه للغاية بطريقة عمل السعوديين في عدد من الدول."
وقد سارعت السعودية بمساندة الإطاحة بالرئيس مرسي في مصر وقدمت للحكومة المسنودة من الجيش معونات وقرضا بمليارات الدولارات.
وحصل الأردن على تمويل سعودي لمشروعات تنمية بقيمة تجاوزت مليار دولار. كما أودعت الرياض أكثر من مليار دولار أمريكي في البنك المركزي السوداني ووقعات صفقات لتمويل إنشاء سدود على النيل.
وزود المغرب بالنفط والتمويل والاستثمارات خلال السنوات الأخيرة.
غير أنه لا تزال هناك أسئلة مطروحة عن الطبيعة السرية والالتفافية لتحويل الأموال السعودية . كما أن رئيس وزراء ماليزيا أعاد 91 في المئة من الهبة السعودية بعد أربعة شهور فقط من الحصول عليها. أما الـ 61 مليون دولار الباقية، فمصيرها غير معروف.
وقال محقق بريطاني يتمتع بخبرة طويلة في عمل الشركات في الشرق الأوسط لبي بي سي إن الـ 681 مليون دولار دفعت عبر فرع لمصرف سويسري في سنغافورة يملكه حكام أبو ظبي.
وأضاف المحقق "الأمر محاط بالغموض". وأوضح أن "هذه القضية لن تتضح أبدا بشكل كامل حتى يعلن السعوديون والماليزيون كل المعلومات التحويل ، وهذا لم يحدث."