الاتجاه نحو الغاز المنزلي كان الحل الوحيد أمام هديل وعائلتها، بعد طول فترة انتظار حصولهم على حصتهم من مازوت التدفئة، وصعوبة تأمين ثمن المخصصات دفعة واحدة، إضافة إلى شبه استحالة القدرة على اعتماد التيار الكهربائي كمصدر للدفء.
مازال الغاز المنزلي رغم ارتفاع أسعار المدافئ التي تعمل بواسطته، متوفراً نوعاً ما، على الأقل في دمشق وريفها، ويمكن الحصول عليه بأي وقت، شريطة الالتزام بما يفرضه البائع من سعر، عكس باقي وسائل التدفئة، باستثناء الحطب، بحسب صحيفة قاسيون المحلية.
الغاز أوفر
سعر أسطوانة الغاز يتراوح ما بين 2000 و2500 ليرة سورية وفقاً لمكان الشراء إن كان منفذاً حكومياً أم سيارة جوالة أم بقال، وهنا يؤكد من استخدم أسطوانة الغاز للتدفئة أنها أكثر توفيراً من المازوت والكهرباء، التي ارتفع سعرها مؤخراً، حيث يحتاج المواطن في فصل الشتاء إلى 5 ليترات يومياً من المازوت على الأقل، في حال تم تشغيل المدفأة 4 ساعات فقط. وبهذا تحتاج مدفئة المازوت مايقارب 20 ألف ليرة سورية، شهرياً، إن تم الحصول على المازوت بالسعر الرسمي، بينما تحتاج الأسرة إلى 4 أسطوانات شهرياً من الغاز، إن تم استعمال المدفئة 4 ساعات متواصلة في اليوم، ما يعني إنفاق حوالي 9200 ليرة بحد أقصى شهرياً، لكن المعضلة في المدافئ التي تعتمد على أسطوانات الغاز الكاملة، حيث أن سعرها مرتفع جداً، يصل إلى 60 ألف ليرة، للنوعية الوسط.
الحل الأخير صعب المنال
الحل الأخير، بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، هو «مدافئ غاز صغيرة» انتشرت بشكل كبير في الأسواق، وشهدت إقبالاً واسعاً، ولا تحتاج لأسطوانة غاز كاملة، إلا أن تجار الأزمات، وغياب الرقابة، قتلوا آخر حلم بالدفيء للكثير من الأسر، وجعلوا من معادلة الحصول عليه بواسطة «الغاز» صعب المنال، بحسب هديل.
توجهت هديل إلى سوق «الشيخ محي الدين»، علها تجد مدفأة تشبه مدفئة جارتها، وهي تعمل على الغاز المنزلي الذي يفرغ بداخلها، فهي عبارة عن جرة صغيرة تسمى بالعامية «غاز أرضي» يركبّ عليه رأساً خاصاً ينشر الدفء، وكل تلك العملية بكلفة 6 إلى 7 آلاف ليرة سورية للنوعية الوسط والحجم الكبير نسبياً، وهو سعر زهيد بالنسبة لمدافئ الغاز التي تعتمد على جرة كاملة.
هذا «الغاز الأرضي»، انتشر بشكل كبير مؤخراً، لرخص ثمنه وفعاليته الجيدة، لكن تلك الإيجابيات، دفعت تجار الغاز لاستغلالها، حتى بات هذا الحل الأخير، مهدداً بالعزوف عنه.
15200 شهرياً
تقول هديل، إنها اختارت الحجم الكبير، وتوجهت مسرعةً إلى المنزل فرحةً، بأنها استطاعت «تحقيق ما هو غريب في هذا الزمن»، لكن صدمتها الكبرى كانت عندما عرضت «الغاز الأرضي» على شخص في الحي يقوم بإفراغ أسطوانات الغاز بهذه «المدافئ الصغيرة»، والذي طلب منها 1800 ليرة سورية لتعبئة «حلمها في التدفئة».
«المدفأة» التي اشترتها هديل، تساوي في سعتها أقل من نصف جرة غاز عادية، على حد تعبيرها، وتأكيد أحد العاملين في مجال تعبئة هذه المدافئ العاملة على الغاز، وبهذا يصل سعر أسطوانة الغاز «بالمفرق» إلى حوالي 3800 ليرة سورية تقريباً. وهنا وبالعودة إلى المعادلة الأولى، فإن 4 أسطوانات غاز شهرياً، ستكلف 15200 ليرة، أي حوالي 75% من راتب موظف.
العواصف الجوية تتناوب على البلاد، والجميع يحذر من موجة برد قارسة، إلا أن هديل وآلاف السوريين، مازالوا يصطدمون بعجزهم في الحصول على أسلوب مبتكر يبعث فيهم الدفء.
دي برس